نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 82

الثلاثاء 06 شباط 2024

- نظام ادارة العالم الذي تحكّم به المنتصرون في الحروب اثبت فشله . فمن سيقرر اي نظام هو الافضل لضمان العدالة والمساواة في المعاملة بمعيار واحد للجميع؟

مع الاحداث

سعيد الغز

ان العودة السريعة لاحداث التاريخ الحديث، تكشف لنا ان رغبة قيادات الدول الكبرى في التوسع الاستعماري والتنافس على الاستئثار بالثروات والموارد الطبيعية ، هي المسؤولة عما واجهته شعوب العالم من حروب وويلات وقتل ودمار. والامثلة على ذلك كثيرة . هذه القيادات هي التي تنازعت السيطرة الاستعمارية وتحاربت وجرّت العالم مثلا الى الحرب العالمية الاولى التي نشبت سنة 1914 واستمرت حتى العام 1918 ، وخلفت دماراً شاملاً في العالم . والمنتصرون في هذه الحرب هم الذين رسموا الخريطة الجديدة للقوى في العالم ، في مؤتمر باريس سنة 1919، الذي تحكّم بقراراته : ويلسون الاميركي ، لويد جورج البريطاني ، كليمانصو الفرنسي ، واورلندو الايطالي : معاهدات صلح جائرة بحق الدول المهزومة، وتقاسم حصص في العالم خارج اوروبا والولات المتحدة ، انشاء عصبة الامم المتحدة التي فصّلوها على قياس مصالحهم ، ففشلت في تأدية المهام المنوّطة بها: حل المشاكل بين الدول بالطرق السلمية ، نزع السلاح، منع الحروب ورفع مستوى الشعوب .

هذا الفشل اعاد التوتر بين الدول وسباق التسلح ، واوصل العالم الى الحرب العالمية الثانية سنة 1939، والتي استمرت حتى العام 1945 ، وكانت اكثر تدميراً وكلفة وضحايا . ومن جديد تكرر الخطأ الذي ارتكبه المنتصرون . ففي مؤتمر يالطا سنة 1944 ، توافق رووزفلت الاميركي ، وتشرشل البريطاني ، وستالين الروسي ، وديغول الفرنسي على تقاسم مناطق النفوذ في العالم . واقاموا نظاماً جديداً للعالم يكرّس من تفردهم وهيمنتهم ، واسسوا منظمة الامم المتحدة لادارة هذا النظام ، وحل النزاعات بين الدول بالطرق السليمة ومنع الحروب ، ووقف التسلح وتحقيق السلام بين الشعوب . وقد عطلوا فعالية هذه المنظمة بامتلاكهم حق النقض " الفيتو" في مجلس الامن الدولي والحؤول دون صدور اي قرار عنه يمس بمصالحهم وبنفوذهم . ولكن الخلاف دبّ من جديد بين الاتحاد السوفياتي والتحالف الغربي الاميركي الاوروبي ، وانقسم العالم بين هذين المعسكرين ، وقامت الاحلاف العسكرية وسباق التسلح: ومن جديد واجه العالم مخاطر الحروب الاقليمية مباشرة او بالواسطة من خلال وكلاء لكل منهم؟

هذه الحرب التي سموها باردة ادت في العام 1990 الى انهيار الاتحاد السوفياتي وتفرد الولايات المتحدة بقيادة النظام العالمي كقطب وحيد ، تدعمه الدول الاوروبية بشكل خاص. الا ان سوء ادارة الولايات المتحدة لهذا النظام وكيلها لقراراتها من القضايا الطارئة بمكيالين ، تسبب بقيام معارضات لها في العالم ، ومطالبات باقامة نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب اكثر قدرة على ادارة شؤون العالم ، واكثر عدالة في المساواة بين الدول ، والوقوف الى جانب الحق، وعدم حماية المرتكب والمعتدي من العقاب والمحاسبة . وقد تجلى على الفشل الاميركي في مسألتين طرأتا مؤخراً: الحرب على اوكرانيا ، وحرب الابادة التي تشنها اسرائيل على الشعب الفلسطيني ، وما رافق من حرب الابادة هذه من انقسام عامودي بين الجماهير الشعبية التي اجتاحت الساحات في العالم استنكاراً لما ترتكبه اسرائيل ، للمواقف المنحازة للعدوان من جانب قادة العديد من دول الغرب : الولايات المتحدة ، وبريطانيا وفرنسا والمانيا بصورة خاصة ، والمطالبة بايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية باقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف تعيد اللاجئين الى ديارهم ، كشرط اساسي لتحقيق سلام عادل وشامل في منطقة الشرق الاوسط.

هذا السلام المنشود والقضاء على النزاعات المسلحة في العالم يقتضي من الشعوب ، وخاصة شعوب الدول الكبرى التي تتمتع بحق النقض وتعطل فعالية منظمة الامم المتحدة ، ان تطالب حكوماتها اخذ العبرة مما وصل اليه العالم اليوم من عجز وفشل في ظل النظام القائم ، والاخذ في الاعتبار التبدل الحاصل في موازين القوى ، والتخلي عن التمسك بحق النقض وتوسيع مجلس الامن فيضمّ بصورة دائمة القوى الصاعدة الجديدة مثل الهند والبرازيل ومصر والسعودية وجنوب افريقيا ليصبح هذا المجلس يشكل حكومة فعلية وفاعلة تشرف على ادارة شؤون العالم ، وتضمن استدامة السلام ، والتضامن وصحة التمثيل للشعوب، بروح العدالة والمساواة دون تمييز بين مكوناتها لاي سبب مكان .

ولا بد لنا من الاشارة هنا الى ان المعلم كمال جنبلاط كان سباقاً للمطالبة بإصلاح منظمة الامم المتحدة وجعلها اكثر كفاءة وفعالية وعدالة ، منذ العام 1957 وقد اعلن عن ذلك في بيانه الرئاسي لذلك العام امام المؤتمر السنوي للحزب ورد فيه:

"نرى انه من الضروري تقوية هذه المؤسسة الدولية بانشاء قوة دولية محترمة وذات فعالية وفقاً لما يلي:

1- الغاء حق الدول الكبرى بالـ"الفيتو" في مجلس الامن الدولي لكي يستطيع هذا المجلس ان يمارس صلاحياته ويتحول مع الزمن الى مجلس وزراء يشبه اتحاد عالمي ، ولا مانع ان تبقى فيه عضوية دائمة للدول الكبرى على ان يشمل ذلك دولا كبرى اخرى كالهند مثلا.

2- انشاء مجلس تمثيلي اخر الى جانب الهيئة العامة للامم المتحدة يضم مندوبين منتخبين عن شعوب او برلمانات العالم بالنسبة لعدد مواطني هذه الشعوب .

3- قيام هيئات دولية مختلفة اقتصادية وعلمية وتثقيفية ودعائية ومالية وسواها لتدعيم اوضاع التعاون الاقتصادي العالمي وتقويته وانمائه، وتعميم المعلومات العلمية والثقافية وغيرها."

(المرجع: كتاب البيانات الرئاسية – كلمات للتاريخ ص. 46 - 47)


الكاتب

سعيد الغز

مقالات أخرى للكاتب

العدد 48

الخميس 01 نيسان 2021

الحكم متعثر والبلد مأزوم والتعطيل مدعوم، فبئس المصير المشؤوم

سعيد الغز


"ان المشكلة اللبنانية لا تحلّ الا على اساس وطني لا طائفي ، ومنهج حازم في آن واحد يوصل الى اقامة دولة مدنية علمانية في لبنان تصهر المجتمع اللبناني في البوتقة الوطنية ." كمال جنبلاط

العدد 47

الثلاثاء 02 آذار 2021

في لبنان وفي العالم ... صراع غير متكافئ بين الديموقراطية والديكتاتورية

سعيد الغز


في لبنان لا تزال الاحداث المقلقة تتواصل ، فعلى المستوى الشعبي الازمات تتفاقم مالياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً وصحياً وامنياً والمسؤولون عن ادارة الدولة وتدبير شؤون الناس عاجزون وفاشلون وغائبون كلياً عن القيام بالمطلوب منهم . منذ اندلاع حركة الاحتجاج

العدد 46

الإثنين 01 شباط 2021

من واشنطن الى بيروت المخاطر على الديموقراطية تتصاعد

سعيد الغز


خطفت الاضواء في هذا الشهر الاحداث التي شهدتها العاصمة الاميركية واشنطن. ففي ليل الاربعاء الموافق 06 كانون الثاني 2021. انشغلت وسائل الاعلام والتواصل في مختلف دول العالم، بما تعرّض له الكونغرس الاميركي من اقتحام غوغائي عنصري متطرف، حرّض عليه مباشرة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الرافض لنتائج الانتخابات التي خذلته واوصلت الى سدة الرئاسة المرشح الديموقراطي جو بايدن.

العدد 43

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020

مع الاحداث: لبنان اليوم على طريق الجلجلة .... اي مصير

سعيد الغز


هذا الشهر ايضاً، الاحداث تتوالى في لبنان والاوضاع تتفاقم: العجز على مستوى ارباب السلطة لايزال هو السائد. البلد يسير على غير هدى: لا مال ، لا اشغال، لا كهرباء، لا محروقات، كورونا جائحة ولا دواء ولا استشفاء الا لأصحاب الثروة والحظوة. حبل انقطاع السلع الغذائية والتجهيزية على غاربه، يقابله التهريب المحمي من ذوي القدرة. كل هذا ولا اي مسعى رسمي فعلي للبحث عن مخارج وحلول، الا في الاطلالات التلفزيونية الدعائية للمسؤولين.


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك