نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 46

الإثنين 01 شباط 2021

من واشنطن الى بيروت المخاطر على الديموقراطية تتصاعد

مع الاحداث

سعيد الغز

خطفت الاضواء في هذا الشهر الاحداث التي شهدتها العاصمة الاميركية واشنطن. ففي ليل الاربعاء الموافق 06 كانون الثاني 2021. انشغلت وسائل الاعلام والتواصل في مختلف دول العالم، بما تعرّض له الكونغرس الاميركي من اقتحام غوغائي عنصري متطرف، حرّض عليه مباشرة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الرافض لنتائج الانتخابات التي خذلته واوصلت الى سدة الرئاسة المرشح الديموقراطي جو بايدن.

هذا التعنت الذي اوصل الى هذا التصرف الارعن شكّل صدمة كبرى غير مسبوقة في الولايات المتحدة راعية الديموقراطية في العصور الحديثة، لأعضاء الكونغرس بمجلسيه ولمعظم الاميركيين، واعاد الى ذاكرتهم اهوال الحرب الاهلية التي تعرضت لها بلادهم سنة 1860 واستنكرتها القيادات العالمية واعتبرتها تعدياً صارخاً على النظام الديموقراطي الاميركي. الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن وصف احداث العنف والاقتحام بأنها تمرد على الدستور والقوانين والتقاليد النافذة في الولايات المتحدة الاميركية، وطالب الكثيرون من الحزبين الجمهوري والديموقراطي على السواء بإحالة المرتكبين على القضاء، ومحاسبة الرئيس ترامب وتحميله مسؤولية التحريض وعزله من منصبه الرئاسي ولو قبل ايام من انتهاء ولايته في 20 كانون الثاني 2021.

والحكماء من الاميركيين هالهم ما حدث وما رافقه من شعارات عنصرية ورفع يافطات واعلام انفصالية ، واعتبروه مؤشراً خطيراً يؤكد ان الامة الاميركية مهددة بانقسام ، قد يؤدي الى حروب انفصالية غير مرغوب فيها. ودعوا الى تغليب روح الامة الاميركية الديموقراطية على الطموحات الشخصية والنزعات العنصرية. وبالفعل، اثبتت احتفالات تنصيب الرئيس بايدن في العشرين من هذا الشهر انتصار الديموقراطية في الولايات المتحدة. واندحار الشعبوية المغامرة مع اعلان الرئيس الجديد احترامه للدستور والدفاع عنه ودعوة الاميركيين الى الوحدة. الا ان الحدث الاميركي الذي انتهى الى خواتم سلمية اكدت انتصار الديموقراطية على الغوغائية ، لم ينسنا مراقبة ما يشهده لبنان حالياً من محاولات بالغة الخطورة على النظام الديموقراطي المعتمد في البلد. فمن المعروف في الدول الديموقراطية ان الحصن الاول للرئيس هو الدستور ، يقسم على حمايته ويحتمي به عند تسلمه سدة الرئاسة. وللتذكير نقول ان الرئيس فؤاد شهاب باني دولة الدستور والقانون والمؤسسات. اختار مستشاريه ممن تحصنوا بالدستور في مواجهة مراكز القوى في الدولة. واليوم يفرطون بالدستور مراراً، ومع كل تفريط يحكم المفرط على نفسه بالحصار والعزلة والشلل، لانه تناسى ان الديموقراطية لا تقوم خارج الفصل بين السطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. وما حصل وما زال يحصل ، منذ عهد الوصاية السورية على لبنان ، من تداخلات في الصلاحيات واكبت بدعة الترويكا والرؤساء الثلاثة المتجاوزون لصلاحياتهم وادوارهم ، الامر الذي يحول دون قيام الحكم السليم في لبنان ، ويهدد بالاسوأ على مختلف المستويات وفي كافة المجالات المالية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية . والقضية باتت اخطر بكثير من خلاف على تشكيلة حكومية، عندما تبرز ممارسات الغاء الاخر ، ويستمر الخروج على القواعد الدستورية وترتفع الاصوات المطالبة بتغيير النظام الذي افشله السياسيون بسياساتهم وطموحاتهم الشخصية الضاربة عرض الحائط بمصالح الناس وسلامة الوطن وبقاء الكيان.

ما يحدث اليوم على الساحة اللبنانية يدفعنا الى العودة الى الماضي والتذكير بما استشفه كمال جنبلاط من مخاطر على الكيان لعل في الاطلاع عليه عبرة لمن عليه ان يعتبر.

كمال جنبلاط دعا في سبعينات القرن الماضي الى الخروج من نظام التفاهة والبلاهة وقال:

"كفانا اننا قد اصبحنا في العالم كله مضغة افواه ، وان يقال عنا: البلد الدكان ، بلاد الفساد والفوضى والاستهتار بكل القيم ، بلد العصابات والمليشيات ـ بلد التقاتل الطائفي والعصبيات المتناقضة والاحقاد ، بلد التمييز والتفرقة والقيل القال والتكاذب المشترك ، وتصدير المخدرات ، الى ما سوى ذلك من نعوت ليس اقلها : ان هؤلاء الحكام لا يهمهم سوى المال ، ثم المال بأية وسيلة كانت مشروعة وغير مشروعة يحصلون عليه ."

(المرجع: كتابه "لبنان وحرب التسوية" ص. 222 )

وبعد توجّسه من المخاطر القادمة على لبنان طالب:

"اننا نتوجه الى المسؤولين ان يتركوا جانباً امر نجاحهم ام فشلهم، وان يترفعوا عن عمليات الطرح والقسمة والحصص، وينصرفوا الى العمل الجدي لمصلحة البلد الذي بات بتصرفاتهم يعاني الكثير بسبب التفاهة في الحكم ، والضعف في السلطة، وانحطاط القيم وغليان الروح الطائفية ، وزيادة الانقسامات المذهبية التي كانت اسبابا مباشرة للمآسي والكوارث التي حلّت بالبلد، الامر الذي يستدعي صحوة ضمائر والعمل للمصالحة الوطنية التي باتت ضرورة وطنية ."

(المرجع : كتابه "نظرة عامة في الشؤون اللبنانية والذهنية السياسية ص. 329")

ونحن ، كما سائر اللبنانيين ، نسأل : متى تنقشع الظلمة ، وتستفيق الضمائر وتعود دولة الدستور والقانون والحق والعدل الى لبنان ؟


الكاتب

سعيد الغز

مقالات أخرى للكاتب

العدد 48

الخميس 01 نيسان 2021

الحكم متعثر والبلد مأزوم والتعطيل مدعوم، فبئس المصير المشؤوم

سعيد الغز


"ان المشكلة اللبنانية لا تحلّ الا على اساس وطني لا طائفي ، ومنهج حازم في آن واحد يوصل الى اقامة دولة مدنية علمانية في لبنان تصهر المجتمع اللبناني في البوتقة الوطنية ." كمال جنبلاط

العدد 47

الثلاثاء 02 آذار 2021

في لبنان وفي العالم ... صراع غير متكافئ بين الديموقراطية والديكتاتورية

سعيد الغز


في لبنان لا تزال الاحداث المقلقة تتواصل ، فعلى المستوى الشعبي الازمات تتفاقم مالياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً وصحياً وامنياً والمسؤولون عن ادارة الدولة وتدبير شؤون الناس عاجزون وفاشلون وغائبون كلياً عن القيام بالمطلوب منهم . منذ اندلاع حركة الاحتجاج

العدد 43

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020

مع الاحداث: لبنان اليوم على طريق الجلجلة .... اي مصير

سعيد الغز


هذا الشهر ايضاً، الاحداث تتوالى في لبنان والاوضاع تتفاقم: العجز على مستوى ارباب السلطة لايزال هو السائد. البلد يسير على غير هدى: لا مال ، لا اشغال، لا كهرباء، لا محروقات، كورونا جائحة ولا دواء ولا استشفاء الا لأصحاب الثروة والحظوة. حبل انقطاع السلع الغذائية والتجهيزية على غاربه، يقابله التهريب المحمي من ذوي القدرة. كل هذا ولا اي مسعى رسمي فعلي للبحث عن مخارج وحلول، الا في الاطلالات التلفزيونية الدعائية للمسؤولين.


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك