نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 81

الثلاثاء 02 كانون الثاني 2024

كل احتلال الى زوال .. واسرائيل سيقهرها النضال

مع الاحداث

سعيد الغز

• في التاريخ الحديث شواهد كثيرة لمن يجب ان يعتبر!!

في اواخر القرن الخامس عشر، وبفضل الاكتشافات الجغرافية الكبرى ، انطلقت من الدول الاوروبية موجة واسعة من التوسع الاستعماري. تواصلت على مراحل ، حتى بدايات القرن العشرين. وكان من نتائجها قيام امبراطوريات استعمارية اوروبية ، امتدت على مساحات قارات اميركا وافريقيا واسيا واوقيانيا. تخللتها سلسلة من الحروب بين الدول الاستعمارية: اسبانيا ، البرتغال، بريطانيا، فرنسا، هولندا، ايطاليا ، المانيا ، وروسيا وتسويات وتقاسم حصص، وقمع واستعباد لسكان المستعمرات، ونهب خيراتها ومواردها الاولية الطبيعية .

ومع الوقت ، تسرّبت افكار الحرية والتحرر والعدالة والمساواة ، فاستند اليها المناضلون الوطنيون في نضالهم من اجل طرد المستعمر واقامة الدولة الوطنية ونيل حق تقرير المصير . حرب التحرير بدأت في سبعينات القرن الثامن عشر في اميركا الشمالية حيث نشبت حرب استقلال الولايات المتحدة الاميركية عن برطانيا ، وتلتها ثورات تحريرية في سائر انحاء القارة الاميركية ، وانهاء الاستعمار الاسباني والبرتغالي فيها . كما تواصلت انتفاضات التحرر والاستقلال في اسيا وافريقيا. وفي اواخر القرن العشرين استكمل التحرر من الاستعمار في مختلف قارات العالم ، بما فيها دول شرقي ووسط اوروبا من السيطرة الروسية .

• اسرائيل اخر بؤرة استعمارية في فلسطين

ابان موجة التوسع الاستعماري الاوروبي، ظهرت في اوروبا الحركة الصهيونية التي استفادت من حاجة حكام الدول الاوروبية المتحاربة في المستعمرات للمال اليهودي وللنفوذ اليهودي ، لتطالب هؤلاء الحكام بتخصيصها مستعمرة لها ، مع افضلية ان يتم ذلك في فلسطين .

وخلال الحرب العالمية الاولى ، نجحت الحركة الصهيونية في الحصول على مرادها. واصدر اللورد بلفور، في الثاني من شهر تشرين الثاني 1917، بإسم الحكومة البريطانية وعده التالي نصه لزعيم الحركة الصهيونية:

"بالنيابة عن حكومة جلالة الملك ، يسرني ان ابلغكم بأن حكومة جلالته، تنظر بعين العطف الى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية ، مع البيان الحالي بأنه لن يؤتى بعمل من شأنه ان يغير الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق او الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الاخرى ."

(المرجع: كتاب جورج انطونيوس "يقظة العرب" ص. 374 – الطبعة الاولى)

وخلال ممارستها لانتدابها على فلسطين ، بموجب تفويض من عصبة الامم ، وعلى اسس ما نصت عليه اتفاقية سايكس بيكو حول تقاسم النفوذ البريطاني والفرنسي في المشرق العربي ، حرص المندوب السامي البريطاني على فلسطين على تنفيذ وعد بلفور، وفتح باب هجرة اليهود الاوروبيين الى فلسطين وتسهيل تملكهم للاراضي والممتلكات ، وتحويل فلسطين الى مستوطنة لليهود وقمع تحركات الفلسطينيين الرافضة لهذه السياسة . ثم قرار الانسحاب البريطاني المفاجئ من فلسطين ، وتسليمها للميليشيات اليهودية سنة 1947، والمسارعة الى الاعتراف بقيام دولة اسرائيل على ارض فلسطين ، جارى البريطانيين في ذلك سائر الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي .

مما سبقت الاشارة اليه يتبين ان اقامة دولة اسرائيل جاءت في سياق حركة التوسع الاستعماري الاوروبي ، وكان من بين دواعي اقامتها جغرافياً تشكيلها قاعدة عسكرية استيطانية متقدمة في الشرق الاوسط، تفصل القسم الاسيوي من العالم العربي عن قسمه الافريقي وتعرقل قيام وحدة عربية ، وتستنزف القدرات العربية وتثير الانقسامات بين العرب ، وتشغلهم عن التقدم والتطور بسلسلة من الحروب غير المتكافئة . ورافق ذلك دعم مباشر من دول الغرب الاوروبي والاميركي للحكومات الاسرائيلية في سياستها اللاانسانية المتوحشة ضد الشعب الفلسطيني تهجيراً وقتلاً وسجناً، مع التصميم على ترسيخ فكرة نكران وجود شعب فلسطيني وارض فلسطينية محتلة ، وحق اليهود وحدهم باقامة دولتهم اليهودية العنصرية في ما يدّعونه "ارض الميعاد".

وبالرغم من الانقسام العربي والاسلامي، ومن الانحياز الاعمى من الولايات المتحدة والدول الاوروبية ، واجه الشعب الفلسطيني بشجاعة فائقة الوصف كل ما ارتكبته وترتكبه سلطات الاحتلال الاسرائيلي العنصري من عمليات قمع وابادة واعتقال ومصادرة للاراضي وتهديم للمؤسسات والممتلكات ، وناضل وقاوم ، وتمسك بحقوقه، وباشر نضاله سنة 1936، وواصل ولا يزال يواصل النضال في الداخل الفلسطيني ، وفي مخيمات الشتات للاجئين الفلسطينيين . وما يحصل اليوم على ارض فلسطين من فظائع بحق الشعب الفلسطيني يؤكد ان هذا الشعب لا يقهر، وسوف يستمر نضاله من جيل الى جيل حتى يتحقق له في النهاية الانتصار على الاستعمار الصهيوني ، واقامة دولته المستقلة على ارض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف ويعيد اليها المهجرين في بلدان الشتات. وها هي وسط غبار عمليات القتل والتدمير والحصار ومنع الماء والغذاء والدواء ، ترتفع من جديد الاصوات الداعية لإحقاق الحقوق المشروعة للفلسطينيين ، ارادت آلة القتل الاسرائيلية ذلك ام أبت . فوعد بلفور الصادر عن من لا يحق لمن لا يملك، فالنصر الاكيد في النهاية للحق وما بني على باطل مصيره الى زوال مهما طال الزمن.

امام قادة اسرائيل حل واحد للخروج من المأزق الوجودي ، حل دولة اسرائيل بتركيبتها الدينية العنصرية الرافضة للاخر، والتفاهم مع الفلسطينيين على اقامة دولة مدنية تعددية في فلسطين التاريخية تضمن للجميع امكانية العيش المشترك في العدالة والمساواة كما اقترح ذلك المعلم كمال جنبلاط :

 "عندما يقتنع الاسرائيليون ان قضية السلم والحرب في الشرق العربي ترتبط بقضية الشعب الفلسطيني، وانه لا سلام في المنطقة قبل ايجاد حل عادل وكامل للمشكلة الفلسطينية .

وفي رأينا ، ان الحل الطبيعي والعملي والمنطقي لمشكلة الاستيطان اليهودي في فلسطين ، هو العودة الى النطاق التاريخي والتراثي والسياسي لفلسطين في حدودها المعروفة ، واعادة اللاجئين الفلسطينيين الى اراضيهم وممتلكاتهم ، والى ممارسة حقوقهم في الحياة السياسية ، وفي جميع النشاطات الاجتماعية والقومية، تماماً كما كانت عليه الاوضاع في فلسطين قبل الانتداب وابّان الانتداب ، والغاء الدولة العنصرية اليهودية، واقامة الدولة التعددية."

(المرجع: مقال لكمال جنبلاط نشرته جريدة المحرر في 6/2/1969 ورد في الصفحة 117 من كتابه "فلسطين قضية شعب وتاريخ وطن")


الكاتب

سعيد الغز

مقالات أخرى للكاتب

العدد 48

الخميس 01 نيسان 2021

الحكم متعثر والبلد مأزوم والتعطيل مدعوم، فبئس المصير المشؤوم

سعيد الغز


"ان المشكلة اللبنانية لا تحلّ الا على اساس وطني لا طائفي ، ومنهج حازم في آن واحد يوصل الى اقامة دولة مدنية علمانية في لبنان تصهر المجتمع اللبناني في البوتقة الوطنية ." كمال جنبلاط

العدد 47

الثلاثاء 02 آذار 2021

في لبنان وفي العالم ... صراع غير متكافئ بين الديموقراطية والديكتاتورية

سعيد الغز


في لبنان لا تزال الاحداث المقلقة تتواصل ، فعلى المستوى الشعبي الازمات تتفاقم مالياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً وصحياً وامنياً والمسؤولون عن ادارة الدولة وتدبير شؤون الناس عاجزون وفاشلون وغائبون كلياً عن القيام بالمطلوب منهم . منذ اندلاع حركة الاحتجاج

العدد 46

الإثنين 01 شباط 2021

من واشنطن الى بيروت المخاطر على الديموقراطية تتصاعد

سعيد الغز


خطفت الاضواء في هذا الشهر الاحداث التي شهدتها العاصمة الاميركية واشنطن. ففي ليل الاربعاء الموافق 06 كانون الثاني 2021. انشغلت وسائل الاعلام والتواصل في مختلف دول العالم، بما تعرّض له الكونغرس الاميركي من اقتحام غوغائي عنصري متطرف، حرّض عليه مباشرة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الرافض لنتائج الانتخابات التي خذلته واوصلت الى سدة الرئاسة المرشح الديموقراطي جو بايدن.

العدد 43

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020

مع الاحداث: لبنان اليوم على طريق الجلجلة .... اي مصير

سعيد الغز


هذا الشهر ايضاً، الاحداث تتوالى في لبنان والاوضاع تتفاقم: العجز على مستوى ارباب السلطة لايزال هو السائد. البلد يسير على غير هدى: لا مال ، لا اشغال، لا كهرباء، لا محروقات، كورونا جائحة ولا دواء ولا استشفاء الا لأصحاب الثروة والحظوة. حبل انقطاع السلع الغذائية والتجهيزية على غاربه، يقابله التهريب المحمي من ذوي القدرة. كل هذا ولا اي مسعى رسمي فعلي للبحث عن مخارج وحلول، الا في الاطلالات التلفزيونية الدعائية للمسؤولين.


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك