الخميس 30 تشرين الثاني 2023
التطهير العرقي الذي تمارسه اسرائيل على الفلسطينيين سيرتد وبالاً عليها
مع الاحداث
سعيد الغز
من المتعارف عليه دولياً ، ان التطهير العرقي هو سياسة محددة جيداً لدى مجموعة معينة من الناس، تهدف الى ازالة منهجية لمجموعة اخرى على ارض معينة يتنازعون عليها. ويتمّ ذلك على اسس دينية او عرقية او قومية. وتتضمن هذه السياسة استخدام العنف والعمليات العسكرية والقمعية ، والحرص على تغطية هذه الوسائل بمختلف الاساليب الممكنة، من التمييز في المعاملة والتضييق على وسائل العيش والتنكيل بالمعترضين ، وصولاً الى التهجير الممنهج او الابادة . وهذه كلها تنطوي على انتهاك صارخ لحقوق الانسان وللقانون الدولي ولاتفاقية جنيف سنة 1949 وبروتوكولاتها الاضافية سنة 1977.
هذا من حيث المبدأ يستدعي تحويل من يقوم به الى المحكمة الدولية لانه جناية موصوفة. ومنه ننطلق الى طرح التساؤلات التالية:
- كيف لجماعة تتوقع العيش الآمن في ارض، اذا حرمت الشريك فيها من العيش الآمن؟
- كيف يمكّن لطرف في نزاع مع طرف آخر ان يرتدع عن التعسف والظلم مع الطرف الاخر ما دام يتمتع بدعم خارجي غير محدود.
- كيف يمكن ان يقوم تعايش او سلام، اذا أصرّ الطرف الاقوى في النزاع على رفض القبول بوجود الطرف الاخر ، وهو يدّعي بأن لا وجود حقيقياً لخصمه، فيما يمارس ضده الالغاء الجسدي والجغرافي والديموغرافي.
(المرجع: كتاب امين معلوف "متاهة الحائرين")
هذه التساؤلات من الطبيعي والمنطقي توجيهها للسلطات الاسرائيلية التي تطمح بدعم اميركي غير محدود للتطبيع والسلام مع جيرانها الفلسطينيين والعرب ، وهي تمارس ضدهم كل اساليب التطهير العرقي.
فمنذ العام 1938، اعلن دافيد بن غوريون: "انا اؤيد الترحيل القسري للفلسطينيين، ولا ارى فيه شيئاً غير اخلاقي. عن التطهير العرقي الذي مارسته اسرائيل على الفلسطينيين.
وننقل عن المؤرخ الاسرائيلي "ايلان بابه" هذه الحقائق:
"في 10 آذار 1948، وضع قادة الميليشيات اليهودية في فلسطين خطة لتطهير فلسطين عرقياً ودينياً. وفي فجر اليوم التالي بدأت العمليات طرد ممنهج للفلسطينيين في المنطقة ، محاصرة القرى، قصف تدميري ، حرق المنازل والمحال التجارية ، طرد السكان بالتهديد بالقتل او الهروب، زرع الالغام لمنع المطرودين من العودة. وكان المسؤولون قد اعطوا لهذه الخطة التطهيرية الاسم الرمزي "دالت". وقد اعتبرت نتيجة حتمية للنزعة الايديولوجية الصهيونية الساعية لاقامة دولة عنصرية يهودية لا مكان فيها لغير اليهود. وحرص زعماء الحركة الصهيونية بما لهم نفوذ في العالم ، على اخفاء جريمة التطهير وتهجير الفلسطينيين التي تواصلت فصولها طيلة العام 1948، ونتج عنها ما اعتبره الفلسطينون والعرب عام النكبة ، واعتبرته اسرائيل عام النصر والاستقلال ولازال الخلاف قائماً الى اليوم حول وصف ما حصل في ذلك العام ، رغم ان ما ارتكب بحق الفلسطينيين جريمة ضد الانسانية ومن قاموا بها يعتبرون مجرمين يجب محاكمتهم امام هيئات قضائية دولية ."
(المرجع: مقدمة "ايلان بابه" لكتابه "التطهير العرقي في فليطبن" ص. 2-3)
ان ما ارتكبته اسرائيل بحق الفلسطينيين سنة 1948، واصلت ارتكابه ولا تزال الى اليوم ، فيما تقوم به حكومة اليمين اليهودي المتطرف عنصرياً من جرائم حرب بحق الفلسطينيين ، مدعومة من قادة الولايات المتحدة والدول الاوروبية الكبرى ، سواء في قطاع غزة ام في الضفة الغربية ، واستمرار رفضها الاعتراف بوجود شعب له حقوق في فلسطين وفقاً لاتفاق اوسلو وقرارات منظمة الامم المتحدة، والدعوات الدولية والعربية والشعبية في مختلف المدن الكبرى في العالم ، سيرتدّ عليها وبالاً في نهاية المطاف، ولا يمكنها اطلاقاً ان تنعم بالعيش في سلام، وهي تصرّ على انكار الحقائق وتواصل التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني.
ونقول مع كمال جنبلاط:
"ها هي الثورة الفلسطينية تقترب من سنّ النضج التاريخي المحتّم. ونحن نشهد ان ذهنية الاستشهاد والاقبال على الموت اخذت تسيطر على من يقومون بالعمليات داخل الاراضي المحتلة . ويبدو ان الانسان الفلسطيني بدأ يستبدل خشيته من الموت والاستشهاد، فحرام ان لا نؤمّن له ما يحتاجه من دعم على كافة الاصعدة."
(المرجع: من مقال له نشرته جريدة الانباء بتاريخ 3/7/1974)