نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 43

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020

من الصحافة اخترنا لكم: عصر المليشيات والمرتزقة: حروب وصراعات بلا نهاية

رفيق خوري

الحروب بالوكالة ليست ظاهرة جديدة. لكن "الازدهار" الذي شهدته في أفريقيا وآسيا أيام الحرب الباردة وصراع الجبارين الأميركي والسوفياتي، حيث استحالة الصدام المباشر، أقل من "الازدهار" حالياً.

فنحن في مرحلة محكومة بعاملين: تعدّد القوى على قمة العالم من دون نظام عالمي يضمن "الضبط المتبادل"، وتفلّت القوى الإقليمية من سطوة القوى الكبرى. والعنوان الكبير في لعبة الأمم صعود ميليشيات وبروز دور المرتزقة.

وبحسب "معهد ستوكهولم لدراسات السلم الدولي"، فإن في العالم عشر شركات خاصة تجنّد مرتزقة لخوض حروب بالوكالة. من "بلاك ووتر" الأميركية وأمثالها إلى "فاغنر" الروسية. أحدث تجنيد لمرتزقة هو إرسال تركيا نحو ألفي مرتزق سوري لخوض المعارك إلى جانب أذربيجان ضد إقليم ناغورنو قره باغ ذي الأكثرية الأرمينية، بعد إرسال 15 ألفاً من المرتزقة السوريين إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق وميليشيات طرابلس.

وأعلى رقم في إنشاء الميليشيات هو من نصيب إيران التي أنشأت ميليشيات تشبه الجيوش في لبنان والعراق واليمن وسوريا.

وإذا كانت تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان تخوض معاركها مباشرة وبالوكالة في سوريا والعراق وليبيا وقره باغ، فإن إيران بقيادة الولي الفقيه تفضّل الحروب بالوكالة. أميركا تقاتل مباشرة وبالوكالة وتحمي قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية شرق الفرات.

وروسيا تقاتل مباشرة في سوريا كقوة عظمى وبالوكالة من خلال ميليشيا تسميها "الفيلق الخامس" وترسل مرتزقة "فاغنر" للقتال في ليبيا إلى جانب الجيش الذي يقوده خليفة حفتر في بنغازي.

في مقال تحت عنوان "العاصفة الكاملة" نشرته "فورين أفيرز" لأستاذة التاريخ في جامعة تورونتو مارغريت ماكميلان، تحدثت المؤلفة عن الكوارث وثلاثة أنواع من القادة: "قادة ضعفاء وغير حاسمين يمكن أن يجعلوا أوضاعاً سيئة أسوأ، كما فعلوا عام 1914. قادة أقوياء بلا رحمة يمكن أن يصنعوا حروباً أفظع، كما فعلوا عام 1939. وقادة حكماء وشجعان يمكن أن يرشدوا العالم خلال العواصف من خلال قراءة شيء من التاريخ".

وفي الواقع اليوم، كثير من القادة الضعفاء والقادة الأقوياء وقليل من القادة الحكماء والشجعان. والعواصف على قوتها، ليست كاملة. فلا حرب بالوكالة تذهب إلى النهاية بل تستمر حرب استنزاف. لا مرتزقة يمكن أن يحسموا حرباً. ولا ميليشيا تستطيع السيطرة على بلد، وإن كانت تعطّل الحكم فيه.

والنماذج حيّة أمامنا. حزب الله يعرقل تأليف حكومة تنقذ لبنان، ويقاتل في سوريا دفاعاً عن النظام. فصائل من الحشد الشعبي في العراق تهاجم المتظاهرين وتخطف الناشطين وتغتالهم وتطلق الصواريخ على المطار والمنطقة الخضراء بداعي "مقاومة" أميركا.

الحوثيون في اليمن يقاتلون للحفاظ على الانقلاب الذي قاموا به ويعرقلون التسوية السياسية. المرتزقة الروس والسوريون في ليبيا مجرد بيادق في صراعات لا تنتهي. والمرتزقة السوريون الذين أرسلتهم تركيا إلى ناغورنو قره باغ يعودون قتلى في معارك تهدد بصنع "سوريا ثانية" في القوقاز كما حذّر رئيس أرمينيا.

ولا مستقبل في سوريا لحركة "التشييع" التي تقوم بها إيران في مناطق سنّية، حيث تجند ثمانية آلاف في منطقة درعا وستة آلاف في البوكمال والميادين غرب الفرات في ميليشيا "سرايا العرين".

والهدف المباشر في العراق، كما يقول محمد رضا نقدي، المنسق العام للجيش الإيراني، أن يكون الردّ على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني "إخراج أميركا من المنطقة "، ولا شيء من دون كلفة.

نائب قائد الحرس الثوري علي فدوي يقول "كلفة حضور إيران العسكري في المنطقة منذ 2006 حتى الآن بلغت عشرين مليار دولار. وهو ليس كبيراً مقابل الانتصارات التي حققتها في المنطقة، وأقل من كلفة حرب السنوات الثماني مع صدام حسين".

ولا شيء مجاناً، إذ يؤكد رحيم صفوي، المستشار العسكري للمرشد الأعلى علي خامنئي أن "إيران ستستردّ كل نفقاتها في العراق وسوريا: ندعمهم ونأخذ الأموال منهم. أخذنا الدولار من العراق مقابل مساعدتنا. وقّعنا عقوداً مع السوريين لكن الروس استفادوا أكثر منا. وأخذنا الذهب من فنزويلا مقابل البنزين".

تمّ نقل 9 أطنان من الذهب جوّاً. ولا أحد "يربط زند" أردوغان المغامر في كل مكان. لا الاتحاد الأوروبي، ولا أميركا الحليف التاريخي، ولا روسيا الخصم التاريخي والحليف الجديد.

وكل "الضغط الأقصى" الأميركي على إيران وميليشياتها لم يدفع طهران إلى تخفيف نفوذها الإقليمي. ومن سخرية التاريخ أن نجد أنفسنا في عصر الميليشيات والمرتزقة، في حين يزدهر اقتصاد المعرفة في العالم الذي وصل إلى مرحلة ما بعد الحداثة.

الكاتب

رفيق خوري

مقالات أخرى للكاتب

العدد 62

الخميس 02 حزيران 2022

فرصة مفتوحة للتغيير المرحلي

رفيق خوري


لبنان الذي تليق به الحياة يستحق فرصة. لا مجرد فرصة للتعافي المالي والإقتصادي بل أيضاً فرصة للتعافي الوطني والسياسي. الناخبون أعطوا القوى السيادية وقوى التغيير فرصة للعمل من أجل الإنقاذ عبر تغيير الأكثرية في المجلس النيابي. وهي قوى متعددة، وإن تقاربت في الأهداف، وتضم أهل الخبرة وأهل الإندفاع وتبدو غير متماسكة ولا ممسوكة، مقابل قوى من أهل الدهاء وأهل الثقة تبدو ممسوكة لا متماسكة. التحدي أمام الأكثرية الجديدة ليس فقط أن تبتكر صيغة لنوع من وحدة الصف بل أيضاً أن تتعمق في قراءة الواقع المطلوب تغييره ل

العدد 59

السبت 26 شباط 2022

مشروعان للتغيير الشامل

رفيق خوري


المسؤولون مشغولون بمعارك سلطوية شعبوية صغيرة في أزمة بنيوية عميقة. أزمة أخطر من وجوهها الوطنية والسياسية والمالية والإقتصادية والإجتماعية. والكل يعرف أن الإنهيار وصل الى حد لم يعد ممكناً وقفه والخروج منه بالتسويات الموقتة والصفقات المألوفة وبقية الوسائل التقليدية منذ الإستقلال حتى اليوم. فليس أمامنا سوى تغيير اللعبة حتى على أيدي اللاعبين المخضرمين والجدد المحاصرين بأزمة وجود مصيرية تجبرهم على التسليم بإستحالة الإستمرار في الستاتيكو الجهنمي الحالي. واللعبة الجديدة تبدو محور صراع بين مشروعين، بصرف

العدد 56

الخميس 02 كانون الأول 2021

تحدي الاستقلال الثالث

رفيق خوري


محنة لبنان داخلية قبل أن تكون خارجية. وقدر اللبنانيين أن يعانوا إغراء الجغرافيا لقوى عدة، ويحمّلهم التاريخ مشقة العمل لأكثر من إستقلال. شيء مما سماها مالك بن نبي "القابلية للإستعمار"، وشيء من الضيق بكل إحتلال أو وصاية. شيء من تضييع الإستقلال بسياسات زعماء يتصرفون كأنهم محور الكون، وشيء من الفشل في بناء دولة تستحق الإستقلال ومن النجاح في صنع الأزمات الخانقة للناس. ولا شيء يكتمل. لا الإستقلال، ولا الإحتلال.


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك