نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 85

الخميس 25 نيسان 2024

انه الجهاد الاكبر... وحدة القرار الفلسطيني لتعود فلسطين

ملح الارض

عباس خلف

لطالما سمعنا هذا الكلام يتردد في كل مناسبة منذ اربعينات القرن العشرين : "القضية الفلسطينية هي قضية العرب الاولى". كلام جميل وشعار جذاب... فلسطين حرة من النهر الى البحر، الموت لاسرائيل ، الموت لأميركا. ورافقت اغنية "يا فلسطين جينالك" هجوم الجيوش العربية سنة 1948 في حربهم الاولى لتحرير فلسطين ، وفشل العرب في حربهم ، التي اسفرت عن وقوع ما سموه "النكبة" وقيام دولة اسرائيل التي مارست منذ ذلك الحين حرب ابادة على الفلسطينيين قتلاً وتهجيراً وتشريداً وتحويلهم الى لاجئين في مخيمات القهر. وتبدّد وعد الزعماء العرب لهم : اخرجوا مؤقتاً اليوم لتعودوا غداً بعد النصر ، هذا النصر الذي لا زال في غرفة الانتظار الى اليوم، وترسّخ العدوان الصهيوني بدعم غير مسبوق من الدول العظمى، واستمر التنكيل بمن تبقّى من الفلسطينيين على ارض فلسطين ، ومورست عليهم كل الاعمال الهمجية واللاانسانية من حكم عنصري لا يعير قيمة لأية شريعة انسانية ، ولا لأية قرارات دولية. ورفض الاسرائيليون على الفلسطينيين المهجرين حق العودة الى ديارهم وبلدهم ، بل انكروا عليهم حتى حق الوجود لعدم وجود اصلاً لشيء اسمه فلسطين ضاربين عرض الحائط بأحداث التاريخ لحساب ادعاءات توراتية نسجها خيال المتطرفين اليهود بأن ارض الميعاد لليهود تمتد من النيل الى الفرات، وهي حق مقدس لهم ، ووعد الهي.

وفي هذه الاثناء حصلت انقلابات وثورات في العديد من بلدان العرب ، وتغيرت انظمة ، وقامت احزاب وحركات... وكلها تدّعي احتكار الورقة الفلسطينية والدفاع عن الحق الفلسطيني ، وتتنافس في الاعلان عن ذلك في مختلف المناسبات والاجتماعات والزيارات ، فيما تطالب شعوبها بالسكوت عن الظلم والقهر والفقر، والصبر الاستراتيجي لنيل الحقوق المشروعة والعيش الكريم بعد تحرير فلسطين مهما طال الزمن. دفع الفلسطينيون ثمناً بالغاً لهذه السياسة العربية التي قدمت المصالح الشخصية والحزبية والفئوية على المصلحة الوطنية والقومية ، وانجرفوا للوقوف الى جانب هذا الحاكم او ذاك متوهمين ان الخلاص لهم ولقضيتهم منوّط به ، وبدلاً من اقامة وحدة قرار فلسطيني توزع الفلسطينيون على عشرات الفصائل المتناحرة ، فضاعت القضية وبدلاُ من العودة حصلت النكسة سنة 1967، واستمرت القضية في غياهب السجون والمعتقلات والاغتيالات والتصفيات ، وواصلت الصهيونية ترسيخ احتلالها لفلسطين والعمل لاقامة الدولة العنصرية اليهودية بمختلف وسائل القمع والتضييق والقتل والابادة والتهجير حتى لا يبقى وجوداً لاي فلسطيني على ارض "اسرائيل الموعودة".

في العام 1971 سأل كمال جنبلاط : اين العرب؟.. ماذا دهى العرب؟ وتوقع، في غياب القرار العملي العربي ، وفي غياب القرار الفلسطيني الموحّد، ان تحصل احداث ادهى واخطر من كل سابقاتها سوف تهدد ليس فقط خسارة القضية الفلسطينية ، بل الوجود العربي ذاته، وتحوّل الشعوب العربية الى اتباع لاطراف اقليمية ودولية انتزعت من العرب احتكار القضية الفلسطينية ، تعمل لتحقيق مصالحها ومطامحها على حساب العرب والفلسطينيين . وسأل آنذاك الزعماء العرب: الكلام المنمق لا يعيد فلسطين ولا يخدم حاضر الشعوب العربية ولا مستقبلها ، بل العمل الجاد والقرار الموحد الحازم ، والاستعداد العسكري والاقتصادي والمالي ، والجرأة على مواجهة الدول الداعمة للعدوان الاسرائيلي بضرب مصالحها الكبرى في البلاد العربية اذا لم تغيّر مواقفها من القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني . وتساءل بحسرة : هل سنشهد يوماً يقظة ضمير عربية ، او نحلم بتحقيق ذلك قبل ان تضربنا اسرائيل ضربة جديدة ادهى من كل سابقاتها ، وتسيطر على ما تبقى من ارض عربية لاقامة مملكة سليمان عليها ؟

وها نحن اليوم في مواجهة هذه الضربة القاضية المتواصلة منذ ستة اشهر في حرب ابادة تشنها اسرائيل على الشعب الفلسطيني وتهدد بحرب شاملة في المنطقة مدمرة غير عابئة بأي قرار او قانون ، طالما الدعم الدولي لا يزال يرعى ويحمي كل ارتكاباتها ، ويقدم للعرب مجرد الكلام المعسول بأنه سيعمل لتحقيق السلام في المنطقة والدولة الفلسطينية، دون ان يفعل شيئاً عملياً من اجل ذلك ، ويواصل تقديم سلاح القتل والابادة لاسرائيل لمواصلة عدوانها ، والطلب الى الدول العربية الاسراع في التطبيع مع اسرائيل والتعاون معها في مختلف المجالات وتناسي القضية الفلسطينية .

وما يزيد الامور سوءاً ان الفصائل الفلسطينية الموزعة الولاء لهذا المحور او ذاك لاتزال تتصارع فيما بينها وتتبادل التهم ، متناسية ان مصيرها جميعها بات مهدداً وجودياً، وهذا يطرح السؤال الجارح بإلحاح: "ما الحل في قضية تمثيل الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقه في ارضه ودولته في اليوم التالي لوقف الحرب الدائرة"؟

والجواب الذي يفرض نفسه يفترض ان تقدم الفصائل داخلياً على تجديد كياناتها والتأكد من حسن تمثيلها قيادياً على ان يلي ذلك انتخابات عامة فلسطينية تشريعية ورئاسية تكون حاضرة على مائدة المفاوضات لتقرير مستقبل فلسطين وشعبها. فلسطين وكل محب صادق لها تطالب جميع القيادات في مختلف الفصائل المبادرة لتقديم المصلحة الوطنية والقومية على ما عداها من مصالح ، لان وحدة القرار الفلسطيني هي السبيل الوحيد للدفاع عن القضية واستعادة الحقوق الفلسطينية ، فهل سيفعلون ؟


الكاتب

عباس خلف

مقالات أخرى للكاتب

العدد 48

الخميس 01 نيسان 2021

مواقف لكمال جنبلاط ترسم خريطة طريق لانقاذ حاضر الوطن ومستقبل الكيان

عباس خلف


في السادس عشر من شهر آذار سنة 1977، اغتالت يد الغدر المعلم كمال جنبلاط قبل ان يتم الستين من عمره. وترك على هذه الارض الطيبة التي ناضل من اجل مستقبل افضل لمواطنيها، دعوة للبنانيين للثورة على الظلم والوصاية والتبعية والفساد والتحرر من السجن الكبير. لقد اغتالوا جسد المعلم ، ولكن فكره باق بقاء هذه الارض والتغيير آتٍ لا محالة اذا اراد اللبنانيون لوطنهم ان يستمر ويدوم

العدد 47

الثلاثاء 02 آذار 2021

كلمة حق

عباس خلف


"ان كلمة الحق التالية نشرتها على الفيسبوك بتاريخ 22 نيسان 2014، وقد كتبت بموضوعية وصدق بصرف النظر عن علاقة الصداقة التاريخية بين جان عبيد وبيني. وقد وجدت من المناسب ان اعيد نشرها في "ملح الارض" للتاريخ والذكرى، ولأن الفقيد الغالي حافظ على الالتزام الصارم بالقيم الاخلاقية والانسانية الى آخر يوم من حياته. تحية محبةٍ ووفاء الى روحه الطاهرة."

العدد 46

الإثنين 01 شباط 2021

عن اية دولة مدنية يتحدثون؟

عباس خلف


لبنان اليوم مهدد بكيانه ، وبمعاناة شعبه التي لم يشهد لها مثيلاً في اصعب مراحله التاريخية : انهيار مالي واقتصادي، اختناق اجتماعي، فقر مدقع وبطالة، هجرة تواجه اقفال ابواب السفارات في وجهها، دول شقيقة وصديقة تحولت عن الاهتمام بالقضايا

العدد 43

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020

ملح الارض - قضايا الفكر يسيئ اليها الاجتزاء ، وتستدعي التجرد وحسن الاطلاع

عباس خلف


مناسبة هذا العنوان كلام مجتزأ نسب الى المعلم كمال جنبلاط، وخلق التباساً حول رؤية صاحبه للبنان الحداثة، وصوّره داعية للتقسيم الطائفي وفدرالية الطوائف. وبما اننا في رابطة اصدقاء كمال جنبلاط مؤتمنون وحريصون على ابراز تراث كمال جنبلاط الفكري والسياسي


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك