نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 97

الأحد 04 أيار 2025

سياسة الغرض تستجلب الرفض فالتعطيل والإنهيار

مع الاحداث

سعيد الغز

إن أزمة لبنان الحالية لا يمكن أن تعالج إلا إذا حاولنا إصلاح الأخطاء الماضية والتي أدت إلى وقوعنا في المأزق الذي نحن فيه، ولا مجال لنكرانه. فالمشكلة اللبنانية لا تحل إلا على أساس وطني لا طائفي. فهي أزمة حكم وأزمة سلطة وأزمة قيادات وأزمة مجلس نيابي لا يريد أن يفهم أنه مجلس تشريعي لا ساحة للمهاترات على أنواعها.

( المرجع: من مقال لكمال جنبلاط نشرته جريدة الأنباء في 20/1/1962)

 إن لبنان الدولة الذي تأسس سنة 1920 قام على أساس التعددية والتشاور حول مختلف القضايا والتسويات. هكذا أراده المؤسسون وهكذا رسخه بناة الاستقلال 1943 بالتوافق على الميثاق الوطني للعيش المشترك. غير أن هذا الميثاق سرعان ما بدأ يتعرض للاهتزاز والخروج على مضامينه. الأمر الذي تسبب فيه الانقسام بين اللبنانيين وأحياناً الاقتتال كلما حاول فريق منهم التفرد في القرار وفرضه على الآخرين. أحداث 1952، ثورة 1958، ثم الصراع الدامي الأخطر الذي امتد من العام 1952 إلى العام 1990. والذي لم يتوقف إلا بعد العودة إلى التوافق الوطني الذي تحقق في مؤتمر الطائف الذي أعاد الوحدة بموجب اتفاق تحول إلى دستور للبنان يؤسس لإقامة دولة مدنية جامعة وعادلة وحاضنة للجميع على مراحل.

هذه كانت المقرارات المبنية على النوايا الحسنة غير أن نظام الوصاية السورية الذي فرض على لبنان آنذاك عرقل تنفيذ ما اتفق عليه اللبنانيون ومارس سياسة الفرض وأحادية القرار. فترتب على ذلك عودة الانقسام بين موالين منتفعين من ممارسة السلطة ومعارضين رافضين تم عزلهم عن الحياة السياسية والتضييق عليهم وأحيانا اغتيال قياداتهم معنويا أو جسديا. ووصلت الأمور إلى أسوأ مراحلها باغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري في 14 شباط سنة 2005. فكان الرد على ذلك عودة الروح الوطنية وتفجر ثورة الأرز في 14 آذار 2005 التي أنهت حكم الوصاية السورية في 26 نيسان 2005. وبدل أن تستمر الصحوة الوطنية خرج فريق من اللبنانيين على الاجماع وقرر لغايات خاصة مواصلة التعامل مع النظام السوري على أمل وراثته في احتكار أحادية القرار وفرضه على سائر مكونات الوطن. وجرت عملية خلط أوراق وتفاهمات ثنائية كرست الانقسام مع ما رافق ذلك من أحداث أمنية وعمليات اغتيال لقادة الخصوم للاستكانة والقبول بما يمليه هذا الفريق عليهم. هذا النهج الانقسامي ترتب عليه الخروج على الدستور وميثاق العيش المشترك وتكررت عمليات التمديد والشغور والتعطيل في مختلف مراكز السلطة من رئاسة الجمهورية إلى تعقيدات تشكيل الحكومات وملء الإدارات والمؤسسات على اختلافها بالأزلام. فاستشرى الفساد وتعطل العمل فيها لصالح الرشوة أو خدمة الأنصار ووضعت قوانين مفصلة لخدمة الفريق الحاكم المتحكم بأحادية القرار. ودخل لبنان منذ العام 2019 في أزمة خانقة ماليا واقتصاديا واجتماعيا ومعيشيا وسياسيا استمرت وسط تعطيل نيابي وشلل حكومي وشغور رئاسي حتى مطلع العام 2025. وكأن ما أصاب لبنان لا يكفي أدت سياسة فرض القرار إلى تعريض لبنان إلى عدوان إسرائيلي مدمر غير محسوب النتائج والتداعيات.

 ورغم قيام عهد جديد وحكم جديد واعد بالإصلاح والإنقاذ مازال لبنان يعاني ويواجه العراقيل والمخاطر لاستمرار الانقسام ومحاولات فرض القرار الأحادي على اللبنانيين وعدم الصحوة الوطنية.

 في مواجهة هذه الوقائع المؤلمة وتداعياتها المتفاقمة، نرى ان أفضل نصيحة نقدمها إلى أرباب السياسة والحكم لإخراج لبنان من عنق الزجاجة هي التي كان أعلنها كمال جنبلاط في حديث له نشرته جريدة الأوريون بتاريخ 1/6/1956 وجاء فيها : "إن الاضطراب السياسي والمؤسساتي الذي يتخبط فيه لبنان اليوم ناتج عن النزعة الرامية إلى الخروج على الميثاق الوطني والدستور الذي قام عليه لبنان الاستقلال سنة 1943 وهذه المشكلة لا تحل إلا في جذورها العميقة وفقا لما يلي:

 1. إحلال الثقة والوئام بين ممثلي مختلف الطوائف اللبنانية من خلال عقد اجتماعات لتقريب وجهات النظر فيما بينها بعيدا عن الفرض.

 2. ولكي يعيش البلد بسلام اجتماعيا وسياسيا ووطنيا على أرباب الحكم والسياسة الانتقال دوما من تسوية إلى تسوية وإيجاد حلول توافقية والتصرف بعقلانية وبروح التسامح . فالكيان اللبناني قائم على تركيب فائق الدقة والحساسية ويستوجب دائما معالجة المشاكل الطارئة بروح التعاون والتضامن والتسامح وهذا يعرفه الجميع".


الكاتب

سعيد الغز

مقالات أخرى للكاتب

العدد 48

الخميس 01 نيسان 2021

الحكم متعثر والبلد مأزوم والتعطيل مدعوم، فبئس المصير المشؤوم

سعيد الغز


"ان المشكلة اللبنانية لا تحلّ الا على اساس وطني لا طائفي ، ومنهج حازم في آن واحد يوصل الى اقامة دولة مدنية علمانية في لبنان تصهر المجتمع اللبناني في البوتقة الوطنية ." كمال جنبلاط

العدد 47

الثلاثاء 02 آذار 2021

في لبنان وفي العالم ... صراع غير متكافئ بين الديموقراطية والديكتاتورية

سعيد الغز


في لبنان لا تزال الاحداث المقلقة تتواصل ، فعلى المستوى الشعبي الازمات تتفاقم مالياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً وصحياً وامنياً والمسؤولون عن ادارة الدولة وتدبير شؤون الناس عاجزون وفاشلون وغائبون كلياً عن القيام بالمطلوب منهم . منذ اندلاع حركة الاحتجاج

العدد 46

الإثنين 01 شباط 2021

من واشنطن الى بيروت المخاطر على الديموقراطية تتصاعد

سعيد الغز


خطفت الاضواء في هذا الشهر الاحداث التي شهدتها العاصمة الاميركية واشنطن. ففي ليل الاربعاء الموافق 06 كانون الثاني 2021. انشغلت وسائل الاعلام والتواصل في مختلف دول العالم، بما تعرّض له الكونغرس الاميركي من اقتحام غوغائي عنصري متطرف، حرّض عليه مباشرة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الرافض لنتائج الانتخابات التي خذلته واوصلت الى سدة الرئاسة المرشح الديموقراطي جو بايدن.

العدد 43

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020

مع الاحداث: لبنان اليوم على طريق الجلجلة .... اي مصير

سعيد الغز


هذا الشهر ايضاً، الاحداث تتوالى في لبنان والاوضاع تتفاقم: العجز على مستوى ارباب السلطة لايزال هو السائد. البلد يسير على غير هدى: لا مال ، لا اشغال، لا كهرباء، لا محروقات، كورونا جائحة ولا دواء ولا استشفاء الا لأصحاب الثروة والحظوة. حبل انقطاع السلع الغذائية والتجهيزية على غاربه، يقابله التهريب المحمي من ذوي القدرة. كل هذا ولا اي مسعى رسمي فعلي للبحث عن مخارج وحلول، الا في الاطلالات التلفزيونية الدعائية للمسؤولين.


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك