الإثنين 30 كانون الأول 2024
التهور وعدم البصيرة تداعياته خطيرة مع الاحداث
سعيد الغز
في أحداث التاريخ عبر كثيرة لمن يعتبر ومن لا يحسن قراءة التاريخ يورّط نفسه في مغامرات غير محسوبة النتائج ويدفع ثمنا مرتفعا لتورطه وتهوره ويورط جماعته أو شعبه في متاهات وأزمات قاتلة وويلات كارثية.
يخبرنا التاريخ الحديث عن نماذج مختلفة من القادة السياسيين والعسكريين . يروي لنا سيرتهم وما قاموا به من أعمال وتصرفات وما حصدوه مقابل ذلك من نتائج قد تكون لصالحهم ولصالح شعوبهم كما قد تكون وبالاً عليهم وعلى شعوبهم ودولهم.
يتمثل النموذج الأول بقادة تصرفوا بعقلانية وواقعية وتبصر للأمور قبل الإقدام على اتخاذ مواقف، يترقبون سلفا بما قد تكون تداعياتها عليهم وعلى شعوبهم كما يدرسون ما لدى خصومهم من إمكانات رد وقدرات وعلى أساس المقارنة مع ما يتوفر لهم من إمكانيات مواجهة محسوبة النتائج. هؤلاء القادة يتميزون بما يسمى الصبر الاستراتيجي والحنكة السياسية والنزاهة والصدقية والشفافية.
من أبرز القادة الذين يمثلون هذا النموذج المهاتما غاندي الذي استطاع بصبره وبصيرته وحنكته أن يواجه عنف الاستعمار البريطاني لبلاده الهند باعتماد أسلوب اللاعنف وأن يجبره على الانسحاب واعطاء الهند استقلالها. وقيل عنه :"سكت غاندي وقاطع المستعمر واجبره على الانسحاب من الهند". مثال آخر من جنوب أفريقيا الزعيم نيلسون مانديلا الذي واجه العنصرية البيضاء بالصبر وصلابة الموقف فحقق الحرية لسود بلاده والسيادة والاستقلال لجنوب أفريقيا. وأما عن النموذج الثاني من القادة الذين مارسوا في مسيرتهم الاستعلاء والعنجهية وعدم التبصر والتهور في اتخاذ القرارات والمواقف فتورطوا في مشاكل وحروب طاحنة ظنوا أنها لصالحهم فحصدوا الخيبة والفشل وتسببوا بالويلات والكوارث لشعوبهم ولسائر الشعوب ومن أبرز الأمثلة التي أخبرنا التاريخ عنها نورد ما يلي:
1- نموذج نابوليون بونابرت امبراطور فرنسا المغامر وغير المتبصر الذي ورط بلاده وسائر بلدان أوروبا بحروب دامية بشعة استطاع خلالها السيطرة مؤقتا على معظم أوروبا ولكنه باء في النهاية بالفشل وانتهى معزولا في جزيرة نائية.
2- نموذج أدولف هتلر، زعيم ألمانيا النازية العنصرية، الذي نظر باستعلاء على سائر العناصر البشرية، وقاده ذلك إلى شن حرب شعواء في أوروبا، وجرت إليها سائر دول وشعوب العالم، وكانت لها أبشع التداعيات على الجميع، وخاصة على الشعب الألماني وعليه شخصيا، فانتهى الأمر به إلى الانتحار.
3- نموذج أسامة بن لادن، الذي دفعه هوسه الديني إلى الظن بقدرته على نشر الإسلام الأصولي ونصرته على ما عداه من معتقدات في العالم، عن طريق استخدام العنف المفرط دون التبصر بالنتائج، وكان هجومه غير المحسوب النتائج على نيويورك كافياً بتسبب بكوارث عالمية خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وعلى الأخص في العراق، وانتهى به الأمر مقتولاً في مخبأه. فيما برزت في العالم الغربي حركات مناهضة للإسلام البراء من تهور بن لادن، لا زال المسلمون يعانون منها الكثير حتى اليوم.
وللعبرة، وقياساً على هكذا أمثلة من التاريخ، لنلاحظ ما يحصل اليوم على ساحات منطقة الشرق الأوسط من نزاعات وحروب مباشرة أو بالوكالة تحركها قيادات من منطلقات دينية، مذهبية أو عنصرية، لكل منها مشروعه الذي يسعى لفرضه على سائر الفرقاء في المنطقة والجامع بين هؤلاء القادة ومشاريعهم أنهم متهورون وعنجهيون يستخفون بالآخرين ويهددون بإفنائهم لإزالتهم من أمام تحقيق مشروعهم التوسعي والتحكمي الذي لا يأخذ بالاعتبار لا الحدود ولا الدول ولا الشعوب ويعتبر أنه له حقاً مطلقاً في عمل ما يريد دون أن يكون للآخرين حق مواجهته أو محاسبته على ما يرتكبه من تجاوزات ومغامرات وارتكابات كارثية على الجميع فهل يرتدع المغامرون قبل فوات الأوان أم يكون مصيرهم كمصير صدام حسين أو بشار الأسد؟
لنأخذ بنيامين نتنياهو نموذجاً عن القادة الذين يتحكمون اليوم بأقدار بلدان الشرق الأوسط وشعوبها فهو نموذج صارخ للعنجهية والاستعلاء وعدم التبصر والتعصب العنصري فهو يسعى لإقامة دولة عنصرية دينية كبرى في منطقة الشرق الأوسط تتحكم بمصائر سائر شعوب المنطقة ومن أجل ذلك نراه يغامر ويقامر وينشب حروب إبادة وتدمير شامل في كل الجهات وعلى كل الجبهات لا يحترم القوانين والشرائع ويستبيح كل شيء من المحرمات. يعمل لتوريط الجميع في حروبه اعتقاداً منه أنها بذلك تخدم مشروعه العنصري وكأنه يقول " أنا أعمى ما بشوف أنا ضرّاب السيوف أنا القيصر أنا سلطان الشرق الأوسط" الذي لا يستطيع أحد وقفه عن مواصلة ما يقوم به رغم كارثيته على الجميع بما في ذلك شعب إسرائيل ويتناسى الحكمة القائلة "ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ...." وله في التاريخ دروس وأمثولات فهل يتعظ قادة آخرون في المنطقة الشرق أوسطية التي تواجه مخاطر وجودية في العديد من جبهاتها وساحاتها فيتبصرون ويمارسون الصبر الاستراتيجي انقاذاً لشعوبهم ولسائر شعوب المنطقة مما تواجهه من مخاطر وحروب إبادة وتدمير شامل.
نأمل ذلك لأنه السبيل الوحيد للإنقاذ وفيه خلاص للجميع وخاصة لوطننا الجريح لبنان الذي أوصلته الحسابات الفئوية الخاطئة إلى هذا الدرك السحيق من الانهيارات والتداعيات والمخاطر الوجودية.
مقالات أخرى للكاتب الحكم متعثر والبلد مأزوم والتعطيل مدعوم، فبئس المصير المشؤوم سعيد الغز
"ان المشكلة اللبنانية لا تحلّ الا على اساس وطني لا طائفي ، ومنهج حازم في آن واحد يوصل الى اقامة دولة مدنية علمانية في لبنان تصهر المجتمع اللبناني في البوتقة الوطنية ."
كمال جنبلاط
في لبنان وفي العالم ... صراع غير متكافئ بين الديموقراطية والديكتاتورية سعيد الغز
في لبنان لا تزال الاحداث المقلقة تتواصل ، فعلى المستوى الشعبي الازمات تتفاقم مالياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً وصحياً وامنياً والمسؤولون عن ادارة الدولة وتدبير شؤون الناس عاجزون وفاشلون وغائبون كلياً عن القيام بالمطلوب منهم . منذ اندلاع حركة الاحتجاج
من واشنطن الى بيروت المخاطر على الديموقراطية تتصاعد سعيد الغز
خطفت الاضواء في هذا الشهر الاحداث التي شهدتها العاصمة الاميركية واشنطن. ففي ليل الاربعاء الموافق 06 كانون الثاني 2021. انشغلت وسائل الاعلام والتواصل في مختلف دول العالم، بما تعرّض له الكونغرس الاميركي من اقتحام غوغائي عنصري متطرف، حرّض عليه مباشرة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الرافض لنتائج الانتخابات التي خذلته واوصلت الى سدة الرئاسة المرشح الديموقراطي جو بايدن.
الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020
مع الاحداث: لبنان اليوم على طريق الجلجلة .... اي مصير سعيد الغز
هذا الشهر ايضاً، الاحداث تتوالى في لبنان والاوضاع تتفاقم: العجز على مستوى ارباب السلطة لايزال هو السائد. البلد يسير على غير هدى: لا مال ، لا اشغال، لا كهرباء، لا محروقات، كورونا جائحة ولا دواء ولا استشفاء الا لأصحاب الثروة والحظوة. حبل انقطاع السلع الغذائية والتجهيزية على غاربه، يقابله التهريب المحمي من ذوي القدرة. كل هذا ولا اي مسعى رسمي فعلي للبحث عن مخارج وحلول، الا في الاطلالات التلفزيونية الدعائية للمسؤولين.