الإثنين 28 تشرين الأول 2024
الحرب من بعيد ومن قريب مقال سياسي
د. رشيد درباس
الفرصة سريعة الفَوْتِ.. بطيئة العَوْد
مثل عربي
الطائرات برقصاتها الماجنة تُنَوِّعُ عربدتها بين قتل الجموع بحجة البحث عن أفراد، وقتل الأفراد بغرض إرهاب الجموع، وهي في الحالتين منصات بعيدة، تنأى بطياريها عن الخطر، كي يركزوا اهتمامهم على ألعاب الألواح الذكية الموصولة بالأقمار، فهم عندما يحركون أناملهم الرشيقة، يقتلون أطيافاً وأرقاماً تبدو على شاشاتهم، ولا يهمهم أنها لحم ودم وأرواح، بل هم لا يأبهون لذلك على الإطلاق، طالما أن "شعب الله المختار" ينزل الويل "بالأغيار"، وهم على ما وصَفْتُ، يحلقون فوق الغيم، ويتحكمون بالأرض المنكوبة ويترصدون حركة الناس، ويطلقون الموت الغادر على أهدافهم، من حيث لا يدري المغدورون، ليظهر لنا بعد ذلك (نتنياهو) وبطانته، فخورين بأن أذرعهم طويلة لا يحدها حد، فيما يقف المجتمع الدولي أمام هذه الاستباحة العنصرية النازية المتمادية، متفرجاً على وحش كاسر ينهش المدن والعائلات والمرافق.
من نافلة القول أن الله تعالى لا يختار شعباً يُبَوِّىءُ عليه هذه القيادة، لكنَّ هذا كله لا يحول دون أن تكون لدينا شجاعة الاعتراف بالوقوع بخطأ التقدير الفادح لقوة العدو الذي لا تقاس قدراته بعديد جيشه القليل، أو بإخفاقات هذا الجيش في مناسبات عدة، بل بما هو طليعة إقليمية للترسانة الأميركية، التي لا تكتفي بالتذخير والإمداد، بل تشفع ذلك بالوجود وزحم شرقي المتوسط بالبوارج وحاملات الطائرات، وبخزانات الوقود الجوية، وبالأقمار الساهرة على مدار الثواني، ترصد الحركات وتحدد الأهداف، وبالقنابل الزلزالية، التي نزلت إلى عمق ثلاثين متراً تحت الأرض، لتغتال عدداً من قيادة حزب الله، وعلى رأسها الأمين العام للحزب الشهيد السيد حسن نصرالله الذي سبقه إلى المقعد الشهيد إسماعيل هنية، من ضمن كوكبة كبيرة من المقاتلين والكوادر، بل من ضمن جمهرة كبيرة من شهداء الشعبين الفلسطيني واللبناني في عدوان أشبه بكابوس اليقظة، تفتك فيه الدولة العنصرية بشعبين أعزلين، بحجة احتضانهما "منظمات إرهابية".
في ظل هذه المحنة لا يسوغ القول أن إيران باعت حزب الله، فهذا من ضرب الهذيان السياسي، لأن إيران دولة حقيقية لها مصالحها الداخلية والإقليمية والدولية، وهي تسعى إلى أهدافها بأقل الخسائر من أجل أكبر الأرباح، ولكن الإنصاف يملي علينا أن نقر بأن فتور القضية الفلسطينية بفعل الانقسامات الداخلية وبرودة علاقة الدول العربية بها، قد أفسح مجالاً واسعاً للجمهورية الإسلامية لكي ترعى المقاومة الإسلامية للاحتلال وفقاً لحساباتها ومصالحها، محاذرة الوقوع في مخاطر المغامرة.
إن إسرائيل في محاولتها البرية الفاشلة والمكلفة، تعلمنا ومن خلال نمط التدمير والتجريف، أنها بصدد الإعداد لشريط حدودي خالٍ من أهله وزرعه، لا بل هي تراهن على فتنة داخلية تنشب بين اللبنانيين بسبب اكتظاظ المناطق بالمهجرين، وضعف المعونة المحلية والعربية والدولية؛ ولكن الغريب في الأمر أننا حيال هذا الويل وهذه الأخطار لا نزال نتلهّى بالخطاب الأجوف، في مرحلة تقتضي، أكثر من أي وقت مضى عقد لقاءات ومؤتمرات بين القوى السياسة والفعاليات النقابية والثقافية والدينية، للذهاب إلى نتيجة بدهية، وهي أن باب الإنقاذ مفتاحه واحد، هو مفتاح البرلمان الذي يتوقع معظم اللبنانيين من رئيسه أن يتحول إلى شبكة اتصال آمنة -لا تخترقها التكنولوجيا المتجسسة- لكي نخرج بحصيلة ما زالت في متناول اليد، وهي انتخاب رئيس يتمتع بكفاءة لَمِّ الشمْلِ وجمع الشتات، وفتح كوة نور في جدار الظلام، على غرار ما جاء في البيان الذي صدر عن اللقاء الثلاثي، وأذاعه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إذ يتضمن إشارات مشجعة على التوافق على نقاط ثلاثة، هي وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، وانتخاب رئيس جمهورية لا يشكل غَلَبَة لفريق، واستعادة مؤسسات الدولة من تهتكها، ولا يفوتني في هذا الصدد التنويه بأن المطالبة بتأييد أكثر من ثلثي المجلس لشخص الرئيس العتيد، يعني ضمناً إمكانية تعديل الدستور لتسهيل وصول "الرئيس التوافقي".
أفدح ما ينطوي عليه اغتيال الشهيد حسن نصرالله، أن العدو اخترق الاحتياطات فأنزل بالشعب اللبناني إهانة وجهها من قبل إلى إيران وحركة حماس، وكأنه يقول لنا أن لا خيار أمامنا إلا الموت أو الرحيل. إن رد الاهانة يتم بالمصالحة الكبرى فلقد جَرَّبت الطوائف والأحزاب كلها، مغامرات الاستئثار بالحكم فَرَدَّتْها الوقائع إلى الخيبة، فهل يُقَيَّضُ للبنان أن يبتكر من خيبات طوائفه وأحزابه وتجاربها المريرة، عِبْرَةً تَعْبُرُ به من وهم غَلَبَةِ الفئة إلى حقيقة الدولة، خاصة وأن أرضنا صارت مسرحاً للحروب القريبة والبعيدة، في فصول من صواريخ موجهة، ومحاولات استثمار التفوق الجوي للإمساك بالأرض المضرجة بدمائنا، والتي فاضت أشلاء أحبائنا عن سعة قبورها، كما ضاقت بيوتها عن استقبال من شردوا من بيوتهم وبلداتهم وقراهم؟
آن لهذا المسرح أن يقفل أبوابه، ولذلك "المُلَقِّن" الذي يتخفَّى تحت الخشبة، أن يكف عن الفحيح.
مقالات أخرى للكاتب الثلاثاء 31 تشرين الأول 2023
"ابن رشدي" يتبوأ عرشًا على ضفاف السين د. رشيد درباس
انتخب أمين معلوف أمينًا دائمًا للأكاديمية الفرنسية، بعدما فاز على منافسِه الذي شهد له بتلك الميزات العالية منذ العام 2012، عندما دخل أمين إلى الأكاديمية ليشغل المقعد التاسع والعشرين، فما عتّم أن استعاد تاريخه، وتاريخ فرنسا معه خلال أربعة قرون، بسرده حياة ومغامرات الأشخاص الثمانية عشر الذين تعاقبوا قبله على كرسيه.
الثلاثاء 03 تشرين الأول 2023
هل يسفر التنقيب عن استخراج رئيس د. رشيد درباس
لم نلمس بعدُ الطرفَ المبلول رغم دخولنا في أيلول. لكننا ما زلنا ننتظر الغيث الفرنسي الذي لم تفلح رسالة #لودريان إلى من اصطفاهم من النواب في أن تبشّرنا منه بديمة سكوب، تسلم قيادَ الدولة إلى يدٍ رئاسية سمحة.
مَصْرَفٌ أم "مصرف"؟! د. رشيد درباس
قبل هزيمة 1967، كان توافق عربي على أن لبنان دولة مساندة في الصراع العربي الإسرائيلي؛ لكن ذلك لم يحجب دوره الريادي في خدمة القضايا القومية، فكرًا وصحافة وفَنًّا، حتى إنه كان مضافةً للمناضلين العرب، تَكَوَّن وَعْيُ بعضِهم في جامعاته،
بالنسبة لبكرا.. شو؟ د. رشيد درباس
ليست المشاهد الكوميدية هزلاً بحتاً، فالتراث مليء بالمؤلفين المسرحيين والسينمائيين والممثلين الفكاهيين الذين كانوا يتمتعون بالرصانة الفكرية والعمق الإنساني والبراعة الفنية، بدءاً بموليير وشارلي شابلن مروراً بنجيب الريحاني وزياد الرحباني وعادل إمام، بل إن كثيراً من أفلام شارلي شابلن الصامتة، كانت تتستدرج الدمعة، عقب الضحكة وتترك في النفوس آثاراً غائرة.