نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 91

الإثنين 28 تشرين الأول 2024

كفى .. كفى.. جرّ لبنان الى حروب لصالح الاخرين على حساب مصالح الوطن.. لا تفيد الاخرين ولكنها تدمّر لبنان

مع الاحداث

سعيد الغز

قالها المعلم كمال جنبلاط في العام 1955 منبّهاً من مخاطرها:

"كل تحالف او اتفاق مع دولة اجنبية او اعجمية يوقع الخلاف في صفوف الدول العربية ويجعلها تنقسم على انفسها وتتفكك شعوبها.. وهذا بالطبع لا يخدم في النهاية الا اسرائيل ويضرّ بالقضية الفلسطينية"

(المرجع: من حديث له لجريدة "بيروت المساء" في 10/3/1955)

يومذاك انحرف الحكم في لبنان الى الانخراط في مشروع اقامة حلف بغداد الغربي الاتجاه ، فرفض قسم من اللبنانيين هذا الانحراف واعتبروه خروجاً على نهج الدولة الحيادي الرافض للاحلاف العسكرية والحرب الباردة. وانعكس ذلك على الاوضاع في البلد ونشوب ثورة داخلية دامية سنة 1958، انقسم خلالها اللبنانيون وتحاربوا، وتعرض لبنان لإنزال بحري اميركي اراده الحاكم اللبناني دعماً له لبقائه في السلطة.

وفي اواخر الستينات ومطلع السبعينات انقسم اللبنانيون من جديد حول الوجود الفلسطيني في لبنان ، وانجرفوا الى التسلح والاستعانة بدول خارجية للاستقواء بها على الشريك في الوطن ، وتكررت الاصطفافات واوصلت البلد سنة 1975 الى حرب اهلية مدمرة تداخل خلالها الداخل مع الخارج خاصة من جهة النظام السوري في الشرق والكيان الصهيوني من الجنوب. ودفع اللبنانيون اثماناً بالغة بالاشخاص والممتلكات وتفككت السلطة والادارات. وتعرض لبنان للاحتلال الاسرائيلي سنة 1978 ثم في سنة 1982 وللوصاية السورية التي استمرت حتى العام 2005.

وفي هذه الاثناء اختار قسم من اللبنانيين الانخراط في محور اقليمي تقوده الجمهورية الاسلامية الايرانية التي رفعت شعار تحرير فلسطين وازالة الكيان الصهيوني وطرد الولايات المتحدة من منطقة الشرق الاوسط. وترتّب على ذلك تعرض لبنان الى حرب ثانية من جانب العدو الصهيوني سنة 2006 دمرت لبنان وادخلته في تداعيات لا نهاية لها اجتماعياً واقتصادياً ومالياً وسياسياً . هذا الانقسام عطّل الدولة وشلّ الحكم والمؤسسات وزاد من التعصب الطائفي والمذهبي واصبح من الصعب جداً البحث عن توافق حول اي موضوع مشترك. واستمر التعطيل وتفاقمت تداعياته في كل المجالات وعلى كل المستويات. وواجه اللبنانيون من مخاطر الانهيار الكامل وزوال كيان الدولة ، واتساع فجوات الشغور والفراغ في رئاسة الجمهورية وشلل الحكومة وعجز مجلس النواب وتداعي الادارات والمؤسسات ، وفقدان الثقة بين اللبنانيين في الداخل وفي علاقات لبنان مع الخارج العربي والدولي.

وفي السابع من شهر تشرين الاول سنة 2023 نشبت الحرب على غزة بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على الكيان الصهيوني الذي يحاصر غزة. وفي اليوم التالي اقدم حزب الله اللبناني على شن حرب مساندة لحماس فقصف مناطق في اسرائيل لحساب محور الممانعة ووحدة الساحات التي تديرها السلطات الايرانية دون ان يكون للسلطة اللبنانية اي علم بهكذا قرار مصيري ، ورفضه الكثيرون من المكونات اللبنانية . واستمر التفرد في القرار ومواصلة الاسناد فيواجه لبنان في 17 ايلول 2024 غزواً همجياً صهيونياً تدميرياً للعمران والممتلكات، وقتلاً واغتيالاً للاشخاص وتشريداً لمئات الوف اللبنانيين والجنون الاسرائيلي متواصل ويهدد بالاسوأ ولا احد يعرف متى سيتوقف هذا الجنون المدعوم من الادارة الاميركية والتواطؤ الاوروبي ، يقابله التخاذل والتردد من الاطراف الاخرى. اصوات كثيرة تتحدث عن وقف للقتال في غزة ولبنان ، ولكنها طوال هذه المدة بقيت مجرد كلام للاستهلاك والتدمير المتواصل والابادة الجماعية للفلسطينيين واللبنانيين مستمرة في غياب القوة العالمية القادرة على القول الجدي لنتنياهو: كفى.. كفى.. الجميع لا يريد الحرب ولكنه عاجز عن وقفها... فأي مصير ينتظر الفلسيطينيين وقضيتهم واللبنانيين ومصير وجودهم في وطنهم؟

ونورد في نهاية هذا المقال ما كتبه يوماً شاعر فلسطين الكبير محمود درويش:

"ستنتهي الحرب (اي حرب) ويتصالح القادة

وتبقى تلك العجوز تنتظر عودة ابنها الشهيد

وتلك الفتاة تنتظر عودة زوجها الحبيب

واولئك الاطفال ينتظرون والدهم البطل

.. لا اعلم من باع الوطن؟؟؟

ولكني رأيت من دفع الثمن!!!"

كان الله يبعون من يدفعون الثمن في لبنان وفلسطين .


الكاتب

سعيد الغز

مقالات أخرى للكاتب

العدد 48

الخميس 01 نيسان 2021

الحكم متعثر والبلد مأزوم والتعطيل مدعوم، فبئس المصير المشؤوم

سعيد الغز


"ان المشكلة اللبنانية لا تحلّ الا على اساس وطني لا طائفي ، ومنهج حازم في آن واحد يوصل الى اقامة دولة مدنية علمانية في لبنان تصهر المجتمع اللبناني في البوتقة الوطنية ." كمال جنبلاط

العدد 47

الثلاثاء 02 آذار 2021

في لبنان وفي العالم ... صراع غير متكافئ بين الديموقراطية والديكتاتورية

سعيد الغز


في لبنان لا تزال الاحداث المقلقة تتواصل ، فعلى المستوى الشعبي الازمات تتفاقم مالياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً وصحياً وامنياً والمسؤولون عن ادارة الدولة وتدبير شؤون الناس عاجزون وفاشلون وغائبون كلياً عن القيام بالمطلوب منهم . منذ اندلاع حركة الاحتجاج

العدد 46

الإثنين 01 شباط 2021

من واشنطن الى بيروت المخاطر على الديموقراطية تتصاعد

سعيد الغز


خطفت الاضواء في هذا الشهر الاحداث التي شهدتها العاصمة الاميركية واشنطن. ففي ليل الاربعاء الموافق 06 كانون الثاني 2021. انشغلت وسائل الاعلام والتواصل في مختلف دول العالم، بما تعرّض له الكونغرس الاميركي من اقتحام غوغائي عنصري متطرف، حرّض عليه مباشرة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الرافض لنتائج الانتخابات التي خذلته واوصلت الى سدة الرئاسة المرشح الديموقراطي جو بايدن.

العدد 43

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020

مع الاحداث: لبنان اليوم على طريق الجلجلة .... اي مصير

سعيد الغز


هذا الشهر ايضاً، الاحداث تتوالى في لبنان والاوضاع تتفاقم: العجز على مستوى ارباب السلطة لايزال هو السائد. البلد يسير على غير هدى: لا مال ، لا اشغال، لا كهرباء، لا محروقات، كورونا جائحة ولا دواء ولا استشفاء الا لأصحاب الثروة والحظوة. حبل انقطاع السلع الغذائية والتجهيزية على غاربه، يقابله التهريب المحمي من ذوي القدرة. كل هذا ولا اي مسعى رسمي فعلي للبحث عن مخارج وحلول، الا في الاطلالات التلفزيونية الدعائية للمسؤولين.


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك