كلمة الدكتور يقظان التقي كلمة الدكتور يقظان التقي
فرح
هو الصحافي ذو الصوت الحر والرأي السديد، والفكر النيّر الذي أغنى الثقافة الوطنية . أدار الظهر للأمجاد الزائفة واكتفى من هذه الدنيا بالكلمة – الحق ، فامتشق قلمه مدافعاً عن الحق في وجه الباطل ، وعن الحرية في وجه الظلم .
خرج من شرنقة الطوائف والمذاهب والأصوليات الى فسحة الضوء ، فكان اليقظان التقي في اخلاقياته ومبادئه ومسيرته الملتزمة بقضايا الناس المحقة .
دكتور يقظان نترك الكلام لك عن الأستاذ عباس خلف والمرحلة الحزبية مع المعلم كمال جنبلاط .
عباس خلف والتجربة الحزبية
ربع قرن مع كمال جنبلاط
كانت " حياة حزبية " ، تلك المرحلة التي عاشها نائب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، الوزير السابق والقيادي الكبير الاستاذ عباس خلف . ربع قرن الى جانب الشهيد الكبير الراحل كمال جنبلاط . مرحلة حزبية تميزّت بعطاءاتها المعبّرة عن الإلتزام والإخلاص والوفاء. انها مسيرة نضال،. تواصلت ل 46 سنة اضافية، بعد استشهاد المعلّم، لشخصبة فريدة، بالغة الإحساس ، تشاركيّة قبل اي شيء آخر، متواضعة (غير نرجسيّة )، وهذه صفة نادرة في هذا الزمن ... والذين من جيلنا ومن الأجيال الصاعدة، لم يلتقوا المعلم كمال جنبلاط ، تعرّفوا على تراثه المميز، حين التقوا عباس خلف، مشعّا في ذاكرته ، متفانيا في التعبير عن مبادىء الحزب وأهدافه وبرامجه، وقد حرص على ايصالها لأمثالنا عبر صفحات إصداره الفخم الذي حمل عنوان : "ملح الأرض – مسيرة إلتزام ونضال ووفاء" ، وهو الذي يعبّر في عناوينه ورسائله، عن تاريخ حافل لمسيرة عبّاس خلف في النضال من أجل القضايا الحزبية التي مارسها من خلال المسؤوليات الحزبية التي تولاها، على الصعد الداخلية والعربية والعالمية ، موثقة في الكناب، إستنادا الى وقائع مثبتة منهجيا ، وغير قابلة للتحليل والتفكيك في مفاهيم راسخة عن الحرية والعدالة ، وفي التعبير عن رغبات الشعوب بالتحرر والتطور وتقرير المصير، ونضالاتها للتخلص من الإستعمار والإستغلال. عباس خلف، في هذه المرحلة الحزبية، شكل ظاهرة فريدة متعددّة الأدوار، ومميزة بالإنجاز، بين رجالات الزمن الجميل في الحزب التقدّمي الاشتراكي ( أطال الله عمره ). انه من أبرز الشخصيات الملتزمة بالعمل المباشر، والثورة على التخلّف ، والانفتاح على التراث من قديمه الكلاسيكي ، وجديده المعاصر.
ما نحن بصدده اليوم ، كتابه الذي يبرهن فيه على انخراطه الواسع السياسي والإداري والانساني والاجتماعي والبيئي والاقتصادي ، الأكثر احتداما وتمثيلا في قضايا اليوم والحاجات والطوارئ العالمية .
انه علامة فارقة، لا تؤخذ مسيرته كسيرة شخصية منفصلة عن تلك الظاهرة الحزبية الرائدة في لبنان والمنطقة العربية ، المتناقضة مع محيطها اذا شئتم ، والمكتظة بتواريخ مأسوية / معقدة ، وتحتاج الى المعالجات التجديدية في مشروعها ، ونصّها ، وميراثها ، وعن لحظة صفاء في مكان ما ، تربط في مراحلها ، بين الواقعي والمثالي ، وحتى مع الخيّالي في مسيّرة عباس خلف، وهو الصامد بعناد للمتابعة على تلك الطريق الوعرة التي سلكها بشجاعة فائقة وتصميم، وكادت أن تكلفه حياته، عندما تعرّض لمحاولة إغتيال، عند مفرق عين عنوب – بشامون ، في مطلع العام 1976.
ان المادة التي بين أيدينا، لا تقرأ قراءة أحادية، بل تستدعيّ قراءات أخرى متباينةحتى لا تظهر فقيرة وعلى ومحدودية.
في كتابه، عباس خلف، هذا الاستاذ المدهش ، يؤكد تجذره الفكري والتاريخي والزمني ( غير زمن ) ، ويمكن للجيل الجديد أن يقرأه، حتى في سياق الأفكار الأقل رواجا هذه الايام ، والخاضعة لمنطق السوق ، والانقلاب في اليسار واليمين على القضايا الاساسية والتجريب والحضور الحزبيّ الخلاق.
عباس خلف، في تجربته الحزبية، تخطى مفاهيم السياسة المحلية الى ابتكار أوزان جديدة موازية للاحزاب العالمية الكبيرة ، وعرف كيف يؤدي دوره فيها على جغرافيا واسعة الأطراف، وبمواقف وتصريحات جريئة، ودوما بخلفية قضية الانسان والحرية، وبالعمق الوجودي الشكسبيري "نكون أو لا نكون" ، وبامتياز نكتشف فيه هذا التماثل مع المعلّم كمال جنبلاط في الثورة على القيود والسعي الدؤوب لمواكبة ما يحصل في العالم، ومواجهة التناقضات، وتخطي العراقيل التي تقطع الطريق على حرية الانسان وسعادته وحقوقه المشروعة، وفي مقدمها حقه في تقرير المصير، وتخرج العالم من تاريخه الانساني، وتنحرف فيه الى عالم مليئ بالعنف و الحروب والننزاعات والجوع والهجرات والموت والانتكاسات، كأن شيئا لم يكن. ومع ذلك، في كتابه في المرحلة الحزبية من نضاله، صفحات يمكن أن تنّور الشباب التقدمي حول الجهود التي أنتجت اسطورة كمال جنبلاط وأدواره ، وأداء عباس خلف، في مسيرة ضخمة قلبت المفاهيم السائدة ، وحولتها الى مفاهيم مستحدثة في السياسة واتجاهاتها الحديثة، وتمردها واصرارها وأيضا في سحرها ، وهي تزخر بالأفكار السامية والرؤى المستقبلية للتعاطي مع المستجدات. عباس خلف برهن في مسيرته انه كان ممثلا بارعا لحزبه ، وشخصية موحيّة ، ولكنها ليست مؤدلجة كيسار راديكالي ، ولا يوتوبية، أولا تحتمل أفكار التغيير القسري، ولا الأفكار المقدسة . امامنا نتاج سياسي مفتوح ومنفتح ، احتل مساحة مرموقة في لبنان والمنطقة، يقودنا الى الفضاء الواسع الذي كان اسمه "حرية نسبية" وديمقراطية نسبية ، عززتها تطلعات المجتمع اللبناني بكل فئاته ومن مواقع مختلفة للخروج من الثوابت البيروقراطية والتقاليد البالية، والذهاب بلبنان والعالم العربي الى أمكنة جديدة. الربيع العربي عند كمال جنبلاط، ومعه عباس خلف، هو ربيع القلوب وليس ربيع العواطف ،مضمونه إدارة الناس وتدبير شؤونهم، وتقوية أدوار المجتمع المدني ، والمجتمع العربي المنفتح كبديل عن المجتمع المغلق ، مجتمع السجون والقمع ، والإنفتاح على التغيير والتنوع وقبول الآخر، الى جانب التركيز على القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بأراضيه ودولته المستقلة وعاصمته القدس الشريف، والتنديد بالمواقف الدولية الممالئة لإسرائيل وعدوانيتها وعنصريتها، والنضال للدفاع عن لبنان، وعن بيروت المعرّضة لتجاوزت جعلتها جرحا نازفا، ومتروكة اليوم عربيا ، بعد تخلي العرب عن خيمتهم الأخيرة ، ( محمود درويش )، التي تتمتع بحرية الصحافة والكتاب والرأي والتظاهر ، مدينة حرّة تسعى دوما أن تكون مدينة حداثية .
يدعونا عباس خلف اليوم للمحافظة على ما يمكن أن يشكّل بدايات جديدة للشخصية القادرة على ايصال ما تريد إيصاله ( الشخصية الحزبية ) ، لاستمرارية ما وسط غابات من الحجارة في العالم ، وسط كل هذه التحولات والمتغيرات. ما زلنا في بداية الطريق، والأمور الصعبة ما زالت فوق رؤوسنا ، حراب الترهيب والعدوان والاستبداد والإذعان والتطبيع، من دون الوقوع في الشعبويّة، ولا في التنازلات السياسية كمعطى نهائي ، وثمة ما يمكن التقاطه من ظاهرة عباس خلف ورفاقه في ربع قرن من النضال مع كمال جنبلاط ، الدور الابداعي ، لا يقل تاثيرا عن وظيفته التجديدية السياسية والاجتماعية بهدوء ومن دون انكفاء ، واستنفار لطاقات موجودة حتما .
مبروك صديقي استاذ عباس خلف ، الاصدار الأكثر من متمكن ، والأكثر من شفاف ، في التقاط أسرار تلك المرحلة ، خلف النصوص ومن ابرزها مع الملك السعودي الراحل عبدالله العروبي الصميم ، . بالإمكان دوما انتاج تلك المساحة المأهولة بالاصدقاء اللبنانيين والعرب والأجانب ومع الرواد الذين يصنعون الأمل ، ويرسون اسس العدالة والصمود. نحن صامدون ولكننا نحتاج الى صداقتك أكثر، فأنت بعد غياب المعلم كمال جنبلاط، تمثل الرمز والقدوة للأجيال الصاعدة. كنت ولا تزال النموذج المميز في الإلتزام بالمبادىء والنضال لتحقيقها والترويج لها، والرفيق الأوفى للمعلّم، فكيف لا نقتدي بك، ونحتاج الى توجيهاتك.
مقالات أخرى للكاتب اصدار العدد 46 من فرح في موعده نهاية شهر كانون الثاني 2021 فرح
اصدار العدد 46 من فرح في موعده نهاية شهر كانون الثاني 2021
الصورة النادرة لكمال جنبلاط يضحك: انا اقطاعي ولو باشتراكيتي... (من أرشيف جوزف أبي ضاهر) فرح
«العودة إلى الماضي ومحاكمة رجالاته وصلبهم لا تكفي. المستقبل ينتظر منّا جميعًا أن نصنعه، من دون دفع سمسرات ودماء».
الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020
اخبار الرابطة: توزيع بيان الرابطة عن: اتفاقات التطبيع مع اسرائيل فرح
في خطاب له في ذكرى نكبة 15 ايار 1947، القاه في 15 ايار 1976 في مهرجان التضامن مع الشعب الفلسطيني ، اعلن كمال جنبلاط:
الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020
اخبار الرابطة: مواصلة حملة التوعية من وباء كورونا بمعدل ثلاث مرات في الاسبوع ، وهذا نموذج: فرح
مواصلة حملة التوعية من وباء كورونا بمعدل ثلاث مرات في الاسبوع ، وهذا نموذج