نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 73

الثلاثاء 02 أيار 2023

الحضارة ما بين الشرق والغرب

آراء ومواقف كمال جنبلاط

كمال جنبلاط

مع انحدار وتدني القيم المعنوية ، لم يعد للحضارة مفهوم سوى الاثراء والتنعم المادي وفرض سلطة المال وتتميم ما في مرايا النفس من نزوات ، والتغيير والتبديل المستمر في اغراض الاستهلاك ، وخلق الجديد المتجدد كل يوم على الدوام. كأن الانسان قد اضحى عبداً لما يبصر ولما يسمع ولما يشمّ ولما يتذوق، ولما ينحط به ولما يتلهى . ففي يده قيد ، وعلى رجله قيد ، وعلى لسانه قيد ، وعلى جوارحه وافكاره وعواطفه قيود. فالحضارة القائمة قد خلقت لمختلف نشاطاته الفكرية والجسدية قوالب واطارات واغراض يتزايد عددها كل يوم ، والناس في قشور حواسهم ممعنون متصرفون لاهون ، ولا يفطنون ان الحقيقة وان السعادة هي فيهم وليست فيما تبتدعه لهم الالة من حاجات وتقدمه لهم من اغراض. وانهم عبثاُ في الخارج يفتشون. ان الحضارة التقنية القائمة هي ليست بحضارة، لان الحضارة الحقيقية لا تقوم في خارج الانسان بل في داخله. انها في الشخص اي في المدرك ، لان في الاشياء والاغراض اي في المدروكات. الحضارة الحقيقية تنزع الى تحرير الانسان ، الى جعله اكثر فاكثر حرية.

وفي الحقيقة ، قليلاً ما شاهد البشر، على مر التاريخ ، عبودية اقوى واخطر واشد رباطاً للعقول وتأثيراً في النفوس من عبودية العصر الحاضر، عصر الحديد والالة ... والخطر من ذلك ان الناس ، في حركة سعيهم المستمرة وراء الاغراض الحضارية الجديدة لا يفطنون بداهة الى ما هم عليه من تعام ومن استرقاق نفسي، يزيد في كل يوم تنزلاً في طيات اللاوعي وفي عادات الحياة اليومية ، فلا يتعطلون الا عندما يوافيهم موكب الالم لما انصرفوا عنه اليه ، او عندما تقع الكارثة .

على الشرقيين منا الذين ويا للسف، يجذبهم تقليد الافرنج الاعمى ، ان يدركوا حقيقة الازمة الحضارية المنعكسة في الازمة النفسية الهائلة التي يعانيها الغرب وشعوبه ، على الشرقيين ان يعودوا الى جوهر حضاراتهم القديمة ، فلا يقتبسوا من جديد الغرب الا ما يتفق مع حاجات الانسان الحقيقية ، اي مع متطلبات حقيقة الانسان ."

(المرجع: كتابه "محطات انسانية وفكرية وسياسية في تاريخ النضال" ص. 125)


الكاتب

كمال جنبلاط

مقالات أخرى للكاتب

العدد 46

الإثنين 01 شباط 2021

موقفه من نهج الحكام في معالجة القضايا اللبنانية

كمال جنبلاط


البلاد في ازمة اقتصادية وسياسية ... لا مفر من انكار ذلك ولا فائدة من التمويه والتستر .... والبلاد في ازمة اقتصادية لانها في الواقع تعاني

العدد 43

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020

مشاريع ومطالب اصلاحية

كمال جنبلاط


هذا برنامج عملي في وزارة التربية الوطنية سنة 1960 . اعتبار وزارة التربية الوطنية اساساً جوهرياً في تكوين الذهنية الاجتماعية اللبنانية وبالتالي في توخيد المفاهيم الوطنية وتركيز وحدة الشعب اللبناني. وفي هذا السبيل يتوجب تعميم الثقافة وتوحيد مناهج التعليم والتوجيه التربوي العام، وان تتخذ بشكل

العدد 43

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020

نافذة على فكر كمال جنبلاط - آراء ومواقف: "لبنان لا يستطيع ان يكون تابعاً لأحد"

كمال جنبلاط


لا يستطيع لبنان ان يكون دولة تابعة لأحد ، بل دولة حرة تنشر رسالة التضامن والتعاون والمساواة التامة مع جميع فرقاء العقد العربي. ويرفض لبنان كلياً سياسة التدخل في شؤون الغير الداخلية ، ولا يمكنه القبول بها خوف ان يرتد عليه هذا القبول بالتدخل بأسوأ العواقب.

العدد 43

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020

نافذة على فكر كمال جنبلاط - آراء ومواقف: لبنان والحياد السياسي

كمال جنبلاط


"كان الحياد السياسي مخرجاً ممكناً للبنان السيد والمستقل، على منوال سويسرا، ولايزال البعض يحلم بذلك. والمؤسف ان هذا الحياد السياسي السلمي مستحيل تماماً في الاطار الجغرافي والبشري الراهن. ان قطب الجذب والتوجيه الجماعي الوحيد الذي لا يزال ممكناً وفاعلاً بالنسبة للبنان، هو الاسهام الفعلي في تقدم الانسان والحضارة، اي الاندماج بالخدمة ، بالتفاهم وبالتجرد، في المتحد الاقليمي ، وفي المتحد الانساني. ولكن فضلاً عما يتضمن هذا الحل للمسألة اللبنانية تجاه العالم العربي


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك