نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 71

الثلاثاء 28 شباط 2023

قيم المواطنية

مقال سياسي

د. منى فياض

في المفهوم

المواطنية هي العلاقة بين الفرد والدولة، وهذه العلاقة تكفل كامل العضوية السياسية للفرد في هذه الدولة وتتطلب ولاءه التام لها. ما يعني أن الفرد يمكن ان يكون تابعاً لسلطة الدولة دون ان يحظى بالحقوق والواجبات والمسؤوليات والامتيازات نفسها التي للمواطن.
لا يمكننا الحديث عن المواطنية من دون الاشارة الى الديموقراطية والتي هـي أسلوب حكم، وطريقة حياة، وهدف، ومثال  وآلية، وهي قبل هذا وذاك فلسفة سياسية. والصفة الرئيسية في النظام الديموقراطي هي مسؤولية الحكام عن أفعالهم أمام مواطنيهم، الذين يمارسون بدورهم الرقابة ويساهمون بالتشريع بطريقة غير مباشرة، من خلال تنافس ممثليهم المنتخبين وتعاونهم مع السلطة التنفيذية لمصلحة مجموع الشعب.

الخلفية
في الديموقراطيات الحديثة لا يمكن الفصل بين حقوق وواجبات المواطنية فهما مترابطتان.
ففي نظرية الديموقراطية تعطي الدولة النفع لمواطنيها وتحصل على ولائهم التام. وينتفع المواطنون من دولتهم بواسطة الفرصة التي تقدمها لهم - وذلك من خلال مشاركتهم وتأثيرهم الحقيقيين على النظام السياسي- هذا التأثير الذي يحقق لهم غالبية اهدافهم الخاصة والمرغوبة.
هذا ويزيد المواطن عبر مشاركته في الدائرة السياسية من حظوظه في تحقيق امنياته وأخذها بعين الاعتبار في السياسة الممارسة في بلده. ان الحق الأساسي للمواطنية في الدائرة الديموقراطية هو هذا الحق في المشاركة السياسية التامة.

ولا بد من التذكير هنا فيما يتعلق ببلادنا ان تعبير السياسة له سمعة سيئة وأن فكرة ممارسة السياسة بحد ذاتها تعد خطرة او غير مرغوبة تماما مثل فكرة الحزب والحزبية وهذا من سمات حكومات الاستبداد المتصاحبة مع القمع والفساد، فترتبط السياسة بهما في أذهان الناس.
وكما نلاحظ ان هذا امر مناف ومتعارض مع مفهوم المواطنية. ذلك أن الحرية بالمشاركة السياسية، مع المواطنين الاخرين، هي التي تجعل الحكومة والقائمين عليها مسؤولين عن هذه السياسة وعن مجمل الافعال التي يقومون بها امام المواطن.

ذلك يعني في النظام الديموقراطي ان على المواطن مسؤوليات ايضاً، فبالاضافة الى طاعة القانون ودفع الضرائب، وهما  أمران ينطبقان على جميع المجتمعات سواء اكانت ديموقراطية ام تسلطية، تتطلب الديموقراطية وتلزم المواطن مسؤولية قبول نتائج الأفعال الحكومية. ما دام انه شارك في اتخاذها. إذ من المفروض ان تكون المواطنية في الديمقراطية نشطة والا فإنها تفقد معناها، عندها يتجنب المواطن المشاركة ولا يقبل تحمل المسؤولية تجاه ما تقوم به الحكومة بل يفكر بتعابير "هم" الحاكمون  و"نحن"  المحكومون. وهذا يتطلب ان يقبل السياسيون المدنيون المسؤولية المهنية لقيادة الحكومة، عبر الاستجابة للتاثير الذي يمارسه الجمهور وبالمقابل يقبل الجمهور اللوم عندما تأتي نتائج هذه الممارسة غير مرضية.

عن الشفافية
ومن هنا ضرورة ممارسة الشفافية وتطلبها والتي تفترض توفر عدد من العناصر:
-    حكم منفتح يسمح بالمشاركة والمساءلة والمحاسبة من قبل الجمهور.
-    قوانين تحافظ على حرية الحصول على المعلومات والإنباء.
-    حماية المصلحة العامة من الانكشاف.
-    رقابة ومحاسبة مالية.
-    تحقيقات صحافية.
-    حملات توعية من قبل قطاعات المجتمع المدني.

والحكم المنفتح هو الذي يتيح المشاركة ويتجذر في جهاز تشريعي منتخب ومنفصل عن الجهاز التنفيذي مع قضاء نزيه.
و لا بد هنا من التأكيد أن المرء لا يكتسب صفة المواطنية إذا لم يقرر المشاركة في كل النشاطات التي يرتبط بها مصيره، ويطالب بالاطلاع على المسائل المطروحة في الوسط الذي يعيش ويتقرر مصيره فيه. ومن هنا دور الاعلام في بلورة ثقافة المواطنة..
ان مساهمة الاعلام في بناء ثقافة المواطنية تمر بشكل اساسي عبر ممارسة كل من الاعلام والمواطن الحق في الاطلاع، وهو الطريق الى المساءلة والشفافية.


في المجتمعات غير الديموقراطية
أما في المجتمع غير الديموقراطي، فالمواطنية تعني شيئاً آخر وتصبح أقرب الى مفهوم التبعية، فيميل المعنى نحو الواجبات أكثر منه نحو الحقوق. وقد يكون الولاء للدولة مطلوبا في هذا النظام من الجماهر بنفس القدر (إذا لم يكن أكثر) الذي هو عليه في الديموقرطية ولكن هذا الولاء لا يقوم على المشاركة السياسية النشطة بل على عوامل أخرى.
تترجم هذه العلاقة في بلادنا بمفهوم الرعية الذي يجعل من المواطن أقرب الى القاصر منه الى الراشد.
ان الولاء الجوهري والأهم للمواطن تجاه بلده هو اساساً، الولاء السياسي. وفي مجتمع متعدد يمكن لهذا الولاء السياسي ان يتعايش مع انواع أخري  من الولاءات، بما فيها العائلة، المسجد  او الكنيسة او المجموعات الخاصة والتنظيمات او المثالات السياسية والاجتماعية وحتى الانتماء لمؤسسات سياسية أو تنظيمات عالمية وبديلة أخرى. وقد تقود كل واحدة من هذه الولاءات الى النزاع مع احد الولاءت الوطنية ولكن ليس بالضرورة بالطبع.
أما في المجتمع المحكوم بنظام حكم توتاليتاري او شمولي ، حيث تتطلب الدولة الولاء التام والحصري لمواطنيها فلا يمكن تفادي مثل هكذا نزاع لكل من لديه ولاءًَ بديلاً.
ان المفهوم  الحديث للمواطنية بدأ مع الثورة الفرنسية والثورة الاميركية حين لم يعد الفرد "رعية" فأصبح مواطناً وتبلورت عدة امور عدت جوهرية: حكم الشعب، الحريات الفردية والمساواة السياسية.

كيف يمكن تدعيم القيم المواطنية إذن؟
في الطائفية
في لبنان هناك بعض العوائق امام تحقيق مواطنية كاملة والعائق الاساسي هو مسألة الطائفية، ففي وقت ينص الدستور اللبناني على ان اللبنانيين متساوون أمام القانون ويتمتعون بالحقوق السياسية والمدنية من دون اي تمييز، ومتساوون في الواجبات ايضاً، ما يفترض التساوي في المواطنة بحسب النص نجد ان اللبنانيين يعاملون في المقابل بوصفهم أعضاء في طوائف تتمتع بحقوق سياسية مختلفة ومتفاوتة. ذلك ان الوصول الى الوظائف العامة والادارية والسياسية يخضع لتوزيع طائفي... كذلك فان قانون الانتخاب الموضوع لتنظيم توزيع مقاعد المجلس النيابي بين مختلف الطوائف يجعل هذه الاخيرة وسائط الزامية بين المواطن – الفرد  وبين المجتمع والدولة والنظام السياسي. ويؤدي هذا الامر الى اعادة انتاج العلاقات التقليدية على حساب الفرد والمواطنة.

  فاذا كانت كلمة مواطن قد اصبحت في صلب الدستور اللبناني، وفي صلب التداول القانوني والسياسي في لبنان باعتبارها تحيل إلى المفهوم الذي أشرنا اليه سابقا، اي ذلك الذي انبنى تاريخيا في اطار دولة القانون في القرن العشرين، وتطور في جدلية دائمة مع المجتمع المدني، فإن هذا المفهوم لا يزال بحاجة الى إعادة بلورة وتطوير.
وهنا نشير الى ان المشكلة ليست في تعدد الانتماءات او الولاءات، فهذا أمر مقبول في الديموقراطيات الحديثة لكن المشكلة تكمن في الصراع الذي قد ينشأ بينها في ظل ديموقراطية غير مكتملة وفي ظل نظام حكم كان يحاول استغلال هذه التناقضات واظهارها على انها غير قابلة للحل او للتعايش.
 ولقد قام الشباب الذين تواجدوا في ساحة الحرية انطلاقاً من 14 آذار بتمارين على حل النزاعات مظهرين ان تعدد الهويات أمر طبيعي المهم ان نعيها ونقبل بها ونجعلها جميعها تحت سقف الولاء الاولي والتام للدولة، وهذا ما تعنيه المواطنية.
ربما حان الوقت لانجاز التطور المطلوب من القدرة على المواء مة بين الانتماء للاشكال التقليدية العشائرية ا العائلية و الدينية او العرقية الى الشكل الجديد للانتماء للوطن باعتباره المكان الملائم لتحقيق آمال مواطنيه بشكل عادل ومتساو.
وهذا ما حاوله ميشال شيحا باكرا حين دعا الى الاقرار بوجود جماعات ثانوية وسيطة بين الدولة والمواطنين، والتي لولاها لما امكننا الكلام عن التعدد. اهمية هذا القول انه يشير بوضوح الى اعتبار الطوائف مؤسسات اجتماعية بالمعنى الذي صاغه ماكس فيبر، اي انها شكل من اشكال التنظيم الاجتماعي الحديث.
يمكن اذن اعتبار الانتماء الى طائفة او امتلاك هويات خاصة أمر ممكن اذا ظل تحت حدود المواطنية، اي عدم طغيان هذا الانتماء او تناقضه معها.  ما يعني النقيض الكلي لفكرة الرعية والقطيع.
ان سلوك القطيع هو نوع من مشاركة بدائية أو مشاركة صوفية لا تجد لها تفسيراً عقلانياً وهو ما يحصل في الجماعات المتجانسة أي على مستوى طائفة بما هي كذلك عبر شعور بالانتماء غير معقلن. بينما الانسان العصري هو دائماً وحيدا ومنعزلا ومحتملاً لهذه الوحدة وكل خطوة يتخذها نحو وعي اعلى واعمق تبعده عن تلك الممارسة التي ترميه في كنف القطيع، وتنتزعه من الانغماس  في اللاوعي الجماعي. ان كل خطوة الى الامام تمثل صراعاً من اجل التوصل الى انتزاع النفس من الحضن الامومي الكوني لللاوعي الجماعي البدائي حيث تمكث عامة غالبية الجماهير الشعبية.

وذلك ما شكل إعاقة مهة تجاه فهم ما حصل في 14 آذار؛ لقد  حصل تحول في الوعي على مستوى الفرد لكن في سياق جماعي عام، وفي هذا كل جدة التغيير الجذري الحاصل والذي يربك بعض المثقفين الللبنانين والعرب.
ان في المشاركة الواعية في سيرورة الرفض الجماعية هذه تعبير عن  الابتعاد عن غريزة الخوف التي طالما حرصت الانظمة المستبدة على زرعها في النفوس وهي قد نجحت لفترة في ذلك.

دور مؤسسات المجتمع المدني
إن  ما يسمح بتعميق فكرة المواطنة وقيمها تعزيز مؤسسات المجتمع المدني والمساهمة في بلورتها وتفعيلها ومن المعلوم ان البدايات الاولى لمفهوم المجتمع المدني ارتبطت عمليا بالديموقراطية وحقوق الانسان في مواجهة اشكال التقييد التي تفرضها السلطة المستبدة.
والمجتمع المدني يتكون من مجموعة التنظيمات والتشكيلات والهيئات الاجتماعية غير الرسمية. واهم ما تستند اليه مقومات مؤسسات المجتمع المدني: انخراط المشاركين في هذه التشكيلات والتنظيمات في نشاطات واعمال ومشاريع تتسم بطابعها العام الذي يسمح بتعزيز التنمية وترسيخ مقومات الوطن والمواطنية.

كما يعني مساهمة التشكيلات والتنظيمات المدنية بادارة الشأن العام ومراقبة السلطة والضغط عليها الامر الذي يجعلها وسيطا اواحد القنوات  بين المجتمع والسلطة القائمة.
ذلك أن ممارسة مثل هذه الحقوق هو الطريق الى الديموقراطية وليس العكس، فالديموقراطية ليست معطى بل هي نتيجة لممارسة  الحقوق؛ فالحق هو مفهوم مدني حضاري، وهو مفهوم قانوني سياسي ونضالي. فلا وجود لحقوق خارج شرعية القوانين والانظمة. وليس هناك من حقوق بعيداً عن المواطنية الفاعلة والضامنة للمشاركة في مسارات اتخاذ القرار السياسي والقانوني.
فالمواطنية تعني الممارسة الكاملة للحقوق والواجبات المدنية والسياسية، ومن ضمنها المشاركة في وضع القوانين والقواعد والنظم التي ترعى هذه الحقوق، وبدون اي تمييز عرقي او طائفي بين جميع البالغين المنتمين الى الوطن الواحد. ومن هذا المنطلق تعبر عن الانسان ككائن له دور فاعل في ادارة الشأن العام.
لا ينحصر تعريف المواطنية إذن بالصفة القانونية المتمثلة بالانتماء الى كيان جغرافي او سياسي، بل تمتد في جوهرها الى كونها دوراً اجتماعياً يرتكز على المساوة أمام القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ولعل التعريف الافضل للمواطنية انها مجموعة نشاطات وممارسات تعنى بالمواضيع التالية الى جانب الوعي والالتزام:
-    المشاركة في صنع القرار وفي تنفيذه
-    تحمل المسؤولية السياسية والاجتماعية للقرارات المتخذة

وتشكل عالمية حقوق الانسان ميزة اساسية في انها تؤكد تمتع اي انسان/ فرد مهما كان اصله او لونه او دينه او جنسه او انتماؤه السياسي او الاجتماعي، بكرامته الانسانية وكامل حقوقه. كما لا ترتبط الحقوق الانسانية بإدانة الفرد اذا ما ارتكب اية جريمة، فالمجرم يتمتع بكامل حقوقه حتى ولو اساء الى المجتمع.
ويمكن اختصار العلاقة بين المواطنية و تطبيق مبادئ  وقيم حقوق الانسان على الشكل التالي:
-    ان الانسان هو مصدر الحق وصاحبه اي اصله وهدفه السياسي
-    يكون ضمان احترام حقوق كل فرد في احترامه حقوق الآخرين
-    تكمن ضمانة هذه الحقوق في مشاركة كل فرد وممارسته لكامل حقوقه
-    يحتم مفهوم الحق حل النزاعات دون الغاء الآخر او اللجوء الى العنف

دور التربية
إن التربية المدنية بملء معناها لا تعني "إعطاء درس في التربية المدنية" فقط. بل هي مساهمة في التربية على الديموقراطية عبر إيجاد علاقات مؤسسية ديموقراطية بين المواطنين وبين التلاميذ والمعلمين،وداخل الأسرة نفسها،باتباع قواعد معينة: إن أول ما يتعلمه الشخص هو الطاعة، لكن السؤال الجوهري هو أن المواطن ليس فقط من يطيع القانون، بل هو أيضاً من يشارك مع الآخرين في وضعه. من هنا لا يعود الأمر متعلقاً بجعل البيئة مكاناً "ديموقراطياً" بل في خلق "بيئة لتعلم الديموقراطية".
لقد كان من السائد اعتبار أن شرطَيْ الديموقراطية، منذ مونتسكيو، هما تنظيم الدولة من ناحية، أي الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. ومن ناحية أخرى، أي من ناحية المواطن، اكتساب الفضيلة. والمبادئ الأساسية الأخرى حول القانون واضحة: "لا أحد فوق القانون، ليس باستطاعة أحد أن يحصّل العدالة بنفسه، ليس باستطاعة أحد أن يكون قاضياً وطرفاً في نفس الوقت".

من هنا الاهتمام بالتربية على المواطنية  ويرى البعض ان التربية المواطنية يجب ان تمتد على طول السنوات الدراسية وان تتأسس على معرفة التاريخ وانظمة الحكم المختلفة والدستور والمؤسسات السياسية الوطنية؛ أما جوهر مثل هذا البرنامج فهو الدراسات الاجتماعية لكن ايضاً التجارب المدنية وتكوّن الممارسة جزءاً اساسياً من عملية التربية هذه كما تتضمن مشاركة التلاميذ في مجالس ونوادي وتنظيمات المجتمع المدني..
لكن ذلك يتطلب جهازاً تعليمياً متدرباً وواعٍياً بأن لكل حق مدني هناك واجب اجتماعي يقابله . كذلك يجب ربط تعليم التربية المدنية بالتجارب اليومية في المدرسة نفسها وفي البيئة المحيطة من اجل تفعيل وظيفتها.
كما تكتسب عملية فهم متطلبات العالم الحديث الذي يحتاج الى مواطنين يفهمون الشعوب والثقافات في كل اجزاء الكرة الأرضية أهمية مماثلة لأن هذا الامر يجعل الجيل الشاب أكثر تفهماً للدور الذي يلعبه وطنهم على صعيد المشهد العالمي ككل. ولاكتساب مثل هذه النظرة الكونية يجب ان يدرس الطالب عن الحكومات الاخرى والانظمة والاقتصاديات المنوعة والمجتمعات المختلفة في الماضي والحاضر كما والعلاقات بين البشر ومحيطهم وبيئتهم وهذا يتطلب انخراطاً أكبر للتربية المدنية التي تركز على أهمية تحسين العلاقات داخل الجماعات مع حفظ حقوق الأقليات.
تركز البرامج الجديدة كذلك على تحسين التوافق على مستوى الصحة الانفعالية بين الطلاب عبر دراسات عن نمو الشخصية والحياة والبيئة الاسرية من ضمن التركيز على علم النفس الاجتماعي والصحة الذهنية.
أمثلة تربوية
1-    خلق مواطن مطلع  من خلال مشاركة الطالب في القيام بدراسات احصائية من اجل جمع معلومات بواسطة استمارة او ما شابه توزع على اعضاء في المجتمع واخرى على مسؤولين حكوميين والقيام بالمقارنة بين الردود وانتقادها وتقييمها.
2-    خلق مواطن يؤمن بالقيم الاساسية التي تمثل شروط بناء مجتمع نشيط ومتسامح حيث تتعايش مختلف الفئات من دون تناحر مثل قيم: المسؤولية، الضمير، قبول الاخر واحترامه، اعتماد الحوار ورفض التمييز ........
3-    خلق مواطن يتمتع بشخصية نامية وقادرة على التحليل من اجل تفعيل التسامح وعدم الامتثال من ضمن مفهوم الحق بالاختلاف كذلك يمكن القيام بذلك عبر مقارنة ردود فعل الطلاب على استمارة معينة مع ردود فعل الراشدين على نفس الاستمارة فهذا يعطي فكرة عن وجود الاراء المسبقة..
4-    العمل على جعل المواطن منخرط وملتزم من خلال العمل خارج المدرسة والاطلاع على نشاطات المؤسسات الاجتماعية والرعائية: دور ايتام، مؤسسات رعاية المعوقين، سجون......

أين تتموضع شبيبة انتفاضة الاستقلال؟
نلاحظ وجود اجماع لدى جميع الفئات الشبابية التي تحركت  في 17 اكتوبر للمطالبة بالحرية والسيادة والاستقلال.
كذلك تشترك مختلف فئات المجتع اللبناني في الطموح الى وطن حقيقي وحكم ديموقراطي متعدد  يكون فيه اللبنانيون مواطنون على قدم المساواة في الحقوق والواجبات.
ربما لأن ما تقدمه الديموقرطيات الليبرالية التي تتميز بتحديد السلطة وضمان حقوق الافراد صار من المسلمات. فهل هناك من يعترض على الاعتراف بأن التقدم الحاصل وغير القابل للنقض والمتمثل بحماية الافراد من قبل دولة القانون هي فكرة قيّمة وتجعل من هذا التطور مطلباً ضرورياً على مستوى الانسانية ككل. يعي جمهور الشبيبة اللبناني ان الخضوع لسلطة القانون وخاصة ضمان حقوق الانسان لم تعد قابلة للمساومة؛ وهي ليست متعلقة فقط بالاشخاص ذوي الامتيازات بل تنطبق على الجميع، و تسري على جميع الرجال وعلى جميع النساء.
ومن هنا لم يعد هناك اي سبب يبرر الاغتيال او العبودية او القمع الايديولجي وتعتدي هذه الافعال في اي مكان مورست فيه على الامن والحرية والوعي او الضمير. وهذا ما تطالب به معظم فئات الشباب اللبناني.
كذلك لم تعد فكرة العالمثالثية التي حافظت على عبادة الخصوصيات الاتنية  مما منع محاسبة الانظمة السياسية للبلدان النامية بحسب المعايير الديموقراطية لم تعد مقبولة. ان ما هو جيد للعالم الصناعي هو جيد ايضا لعالمنا النامي فيما يتعلق بحقوق الانسان فلم يعد مقبولا الحفاظ على ممارسات اركيولوجية بحجة الخصوصية. فحيث يسود عدم الحفاظ على حقوق الافراد وعدم ضمانها من قبل الدولة تسود العبودية ولدينا مثال الانظمة العربية كاكبر دليل وما كنا قد وصلنا اليه نحن انفسنا.


الكاتب

د. منى فياض


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك