الخميس 29 كانون الأول 2022
أسهم تصعد وتهبط في بورصة مغلقة مقال سياسي
رفيق خوري
جريدة نداء الوطن في 28/12/2022
اللبناني العادي ليس في حاجة الى من يقول له إن الوضع خطير جداً، فهو يعانيه ويدفع كلفته. والتركيبة السياسية ليست في حاجة الى تذكير العواصم الخارجية لها بمسؤولياتها وكون لبنان "يواجه أزمة أشد خطورة من أزماته السابقة وحتى أشد تعقيداً من الأزمات الإقليمية في المنطقة"، على حد تعبير المسؤولة عن الشرق الأدنى في الخارجية الأميركية بربارة ليف، فهي جزء من الأزمة التي تعيش عليها. لكن اللبناني يشكو ولا يثور لتغيير الوضع. والتركيبة السياسية تزايد في الكلام على خطورة الوضع وتكمل حروبها الصغيرة التافهة بما لا يوحي أن الوضع خطير. فالشكوى ليست من التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية بل من قلة التدخل، حيث نداء "الإستغاثة"هو: نرجوكم التدخل العاجل. وما ننتظره ليس ما يحدث على مسرح البرلمان وفي كواليس الحوار المقطوع بل ما يدور في عواصم إقليمية ودولية ومتى تكتمل الصفقة في "البازار الرئاسي".
ذلك أن أسهم المرشحين المفترضين تصعد وتهبط من دون أن تكون "البورصة" مفتوحة. ونحن نلعب الورقة وعكسها. فمن جهة نسمع ونعرف أن لبنان ليس أولوية على جداول الأعمال في العواصم المشغولة بأمور أهم بكثير، من دون أن نتساءل إن كان أولوية لدى التركيبة السياسية. ومن جهة أخرى نمون على كل العواصم، فنرسم سيناريوات عن تكليف أميركي لفرنسا، وتكليف سعودي لقطر، وإنتظار حوار سعودي-إيراني وتحرك أوروبي بطلب من طهران لإقناع واشنطن بالعودة الى الإتفاق النووي، الذي يقول الرئيس جو بايدن إنه "في حكم الميت" من دون إعلان، لكي يصير لنا رئيس.
وهذا مرض سياسي ليس أقل خطورة من الأزمة، لأنه نتيجة تشبه ما سماه مالك بن بني "القابلية للإستعمار". فالخارج هو هنا "داخل"، والقوى الداخلية مرتبطة بالقوى الخارجية. وفي كل الأنظمة الديمقراطية يُعتبر إنتخاب الرئيس إستحقاقاً دستورياً يتم في موعده، سواء كانت عملية الإنتخاب في البرلمان أو على المستوى الشعبي. وهو مجرد قرار عادي في الأنظمة السلطوية. أما في لبنان، فإن إنتخاب الرئيس ليس على طريقة الأنظمة الديمقراطية ولا على طريقة الأنظمة السلطوية، إذ صار أزمة على سطح ازمة أعمق.
وما نعانيه من وضع صعب ومعقد لم نصل إليه بالصدفة. فهو مصنوع بمزيج من العناية والدهاء والأنانية والأخطاء وسوء القراءة في الإستراتيجيات والتخطيط الخبيث على أيدي القوى المحلية والخارجية التي قادتنا الى الحرب الطويلة والسلام الهش بعد الطائف وصولاً الى "جهنم". وحتى في مثل هذا الوضع فإن الإستحقاق الرئاسي ليس صعباً إذا كان الهدف هو إنتخاب رئيس للجمهورية-اللبنانية، وفي إمكان القوى المحلية القيام بالأمر بصرف النظر عن التعقيدات الإقليمية والدولية. لكنه صعب، والإنسداد السياسي حتمي، إذا كان لكل طرف هدف مختلف، وسيبقى مستمراً ولو ضغطت الدول على أمراء الطوائف كما نسمع المناشدات يومياً.
في مقال نشرته "فورين أفيرز" قبل رحيله، قال المؤرخ والمستشرق برنارد لويس: "لبنان عانى، لا بسبب أخطائه بل بسبب مزاياه". وما يحدث الآن بعد المعاناة هو الإجهاز الكامل على مزايا الوطن الصغير، وتكريس أخطاء الذين يدمنون المال والسلطة القابلة للتوظيف في خطط العاملين لوراثة لبنان.
مقالات أخرى للكاتب فرصة مفتوحة للتغيير المرحلي رفيق خوري
لبنان الذي تليق به الحياة يستحق فرصة. لا مجرد فرصة للتعافي المالي والإقتصادي بل أيضاً فرصة للتعافي الوطني والسياسي. الناخبون أعطوا القوى السيادية وقوى التغيير فرصة للعمل من أجل الإنقاذ عبر تغيير الأكثرية في المجلس النيابي. وهي قوى متعددة، وإن تقاربت في الأهداف، وتضم أهل الخبرة وأهل الإندفاع وتبدو غير متماسكة ولا ممسوكة، مقابل قوى من أهل الدهاء وأهل الثقة تبدو ممسوكة لا متماسكة. التحدي أمام الأكثرية الجديدة ليس فقط أن تبتكر صيغة لنوع من وحدة الصف بل أيضاً أن تتعمق في قراءة الواقع المطلوب تغييره ل
مشروعان للتغيير الشامل رفيق خوري
المسؤولون مشغولون بمعارك سلطوية شعبوية صغيرة في أزمة بنيوية عميقة. أزمة أخطر من وجوهها الوطنية والسياسية والمالية والإقتصادية والإجتماعية. والكل يعرف أن الإنهيار وصل الى حد لم يعد ممكناً وقفه والخروج منه بالتسويات الموقتة والصفقات المألوفة وبقية الوسائل التقليدية منذ الإستقلال حتى اليوم. فليس أمامنا سوى تغيير اللعبة حتى على أيدي اللاعبين المخضرمين والجدد المحاصرين بأزمة وجود مصيرية تجبرهم على التسليم بإستحالة الإستمرار في الستاتيكو الجهنمي الحالي. واللعبة الجديدة تبدو محور صراع بين مشروعين، بصرف
الخميس 02 كانون الأول 2021
تحدي الاستقلال الثالث رفيق خوري
محنة لبنان داخلية قبل أن تكون خارجية. وقدر اللبنانيين أن يعانوا إغراء الجغرافيا لقوى عدة، ويحمّلهم التاريخ مشقة العمل لأكثر من إستقلال. شيء مما سماها مالك بن نبي "القابلية للإستعمار"، وشيء من الضيق بكل إحتلال أو وصاية. شيء من تضييع الإستقلال بسياسات زعماء يتصرفون كأنهم محور الكون، وشيء من الفشل في بناء دولة تستحق الإستقلال ومن النجاح في صنع الأزمات الخانقة للناس. ولا شيء يكتمل. لا الإستقلال، ولا الإحتلال.
الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020
من الصحافة اخترنا لكم: عصر المليشيات والمرتزقة: حروب وصراعات بلا نهاية رفيق خوري
الحروب بالوكالة ليست ظاهرة جديدة. لكن "الازدهار" الذي شهدته في أفريقيا وآسيا أيام الحرب الباردة وصراع الجبارين الأميركي والسوفياتي، حيث استحالة الصدام المباشر، أقل من "الازدهار" حالياً.