نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 69

الخميس 29 كانون الأول 2022

في ذكرى مولده الخامسة بعد المئة ماذا مثّل كمال جنبلاط؟ ماذا اضاف؟ وما الباقي من تراثه ونهجه...نهجاً للبنانيين والعرب اليوم؟

ملف خاص بمناسبة ذكرى ولادة المعلم كمال جنبلاط

محمد شيا

كمال جنبلاط اضاف على النظرية السياسية العربية، والممارسة السياسية العربية، مفاهيم فكرية وسياسية جديدة منذ نهاية الاربعينيات، لعل اهمها:

- الإنسان اولا، قبل الجماعة، قبل الطائفة، قبل الحزب، وقبل اي تعيين فكري او اقتصادي اجتماعي خارجي

-لا تستقيم نظرية سياسية ان لم تستند على قاعدة معرفية وفكرية قوامها الانتماء لمبادى عامة اهمها الحقيقة والايمان بضرورة التقدم والعدالة، والانسان- الغاية باستمرار،

- الإنسان لا يكون حرا بنزع قيوده الخارجية فحسب، بل بشعوره الداخلي بحريته، واعتزازه بها وعدم استعداده للتضحية بحريته، تحت أي ظرف، ولا داع للقول ان جنبلاط دافع حتى الاستشهاد عن المبدا هذا ورفض المساومة عليه

-اضاف جنبلاط مبدأ ان المؤسسات السياسية والاجتماعية، وفي مقدمها الدولة، ليست غاية في ذاتها، بل في خدمة الإنسان وتفتح شخصيته واحساسه بكرامته وممارسته لحريته، لذلك هي تلعن او تقدس بمقدار ما تقترب او تبتعد عن الغاية تلك،

-ابرز جنبلاط فكرة النخب القيادية بالمعنى الاخلاقي، وليس باي معنى او محمول مادي او سلطوي، فالنخب المدركة للحقيقة والمستعدة للتضحية وحدها المؤهلة لقيادة الجماعات، وليس اية مجموعة او قوة اخر، واثبتت التجارب العربية صحة المبدا هذا .

-اضاف جنبلاط فكرة ان الاشتراكية لا تفرض من الخارج كحتمية مادية، بمقدار ما هي مطلب داخلي يعكس التوازن الفردي والاجتماعي والكوني، ولا يتعارض مع الكرامة الفردية والخيارات الدينية او اي خيار شخصي اخر.

الاشتراكية الانسانية من جهة، والاقتصاد المنتج المتوازن، من جهة ثانية، هدفهما معا بناء،"مجتمع الكفاية والعدل"، الذي يوفر القاعدة الاقتصادية والاجتماعية للانطلاق نحو بناء الإنسان الحر، السعيد - الذي يجب أن يكون الهدف الاخير لكل نظرية او نظام او سعي سياسي او اقتصادي. وما معنى كل الانظمة في النهاية وكل ما تعد به أن فشلت في توفير الحرية للمواطن الفرد والسعادة للمجتمع!

هوذا بعض تفوق اشتراكية جنبلاط الجلية على الراسمالية المتوحشة من جهة وبديلها الشيوعي اللذين الغيا، بالممارسة كما في النظرية، فرص اكثرية المواطنين لحريتهم وسعادتهم لصالح اقلية اوليغارشية طبقية في الراسمالية، او حزبية محظوظة في الشيوعية؛ وعليه بدا اغتراب الأكثرية وشقائها في النظامين نتيجة لا مفر منها، شاهدناها عيانا في الاف المظاهر والصور، وما الحروب التي يلجأ لها النظامان باستمرار غير بعض آليات غسل الأحزان و"تنظيف المنزل"، معرضين الإنسانية باستمرار، وكما فعلا غير مرة، لضحايا بعشرات الملايين، وخسائر مادية بالترليونات...وما حرب اوكرانيا الحالية غير بقية من مظاهر التضحية بالشعوب على مذبح الاحلام الامبرطورية من جهة، ومصالح الصناعة الحربية الأميركية من جهة ثانية.

فلسفة كمال جنبلاط، هي مشروع مستمر لتجاوز أزمة البشرية الراهنة

 هذا قليل جدا من كثير اضافه كمال جنبلاط على مستوى النظرية، وأهم من ذاك على مستوى الممارسة، فاقترب بذلك من فكرة الرجل السياسي بالمفهوم الاغريقي، اي المكتمل المواصفات، وحيث العام دوما متقدم على الخاص عنده،

كمال جنبلاط، ومع الاسف الشديد، هو تجربة اختراق إنساني متقدم في بنى متخلفة، لذلك لم يسمح لها بأن تؤتي الثمار المنتظرة....فاعدمت بتوقيع كل القوى الجاهلة المتخلفة والمستبدة...

لقد قلت فيه " كمال جنبلاط...لزمن اخر"، وأضاف الدكتور خالد قباني مرة بالقول:"وربما لمكان آخر ايضا"!


الكاتب

محمد شيا


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك