نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 69

الخميس 29 كانون الأول 2022

هل لا زالت التسوية ممكنة في لبنان ؟

ملح الارض

عباس خلف

"اننا نتوجه من المسؤولين اللبنانيين ان يتركوا جانباً امور نجاحهم او فشلهم في الانتخابات، وان يترفعوا عن طموحاتهم الشخصية ، لينظروا الى مصلحة المواطن بعد المعاناة التي حلت به في هذا العهد من تفاهة الحكم وضعف السلطة وانحطاط القيم وتصاعد العصبية المذهبية والطائفية والانقسامات."

(كمال جنبلاط في بيانه الرئاسي سنة 1974 للجمعية العامة للحزب التقدمي الاشتراكي)

في افتتاحية العدد 56 من مجلة الرابطة (فرح) لشهر تشرين الثاني 2021: وجهنا الى المسؤولين اللبنانيين دعوة للتلاقي وانجاز تسوية انقاذية عادلة تخرج لبنان من ازماته ، وقلنا لهم : "نأمل ان تجري الانتخابات النيابية والرئاسية المقبلة دون تأجيل او عرقلة او الغاء. وان توصل الى سدة الحكم والسلطة رئيساً يكون قدوة ومثالاً في التجرد والنزاهة ، يوحي الثقة ، ويبعث الامل، ويشرف على ادارة الحوار الايجابي ، ويقوده بتجرد الى تحقيق تسوية تنقذ لبنان واللبنانيين من المعاناة التي طال امدها وتفاقم ضررها على المواطنين كافة وعلى مصير الوطن."

ومع الاسف، ما جرى بعد هذا النداء ، ولا زال يجري، جاء معاكساً لما تأملناه. فالانتخابات النيابية التي اجريت في شهر ايار الماضي انتجت مجلساً نيابياً مفككاً ومتناكفاً عاجزاً عن التشريع والمحاسبة ، وعن انتخاب رئيس جديد للجمهورية كفوء، نزيه ومتجرد، مؤهل لأن يقود حواراً بنّاء ولقاء حول المبادئ الوطنية التي على اساسها سيعاد بناء الدولة وتشكيل سلطاتها واداراتها وانقاذها من الانهيار والعجز والفشل.

وعلى المستوى الحكومي يتواصل الشلل مع حكومة تصريف اعمال لتعذر تشكيل حكومة جديدة في ظل الشغور الرئاسي المتواصل تتولى كفريق عمل متجانس وضع الخطط الانقاذية والمبادرة الى تنفيذها بشفافية.

هذا الواقع المرفوض بكل المقاييس يجعل كل لبناني يستشعر خطورة الاوضاع على حاضر لبنان ومستقبله كدولة وكيان ... ولذا تدفعنا المسؤولية الوطنية من جديد ان نكرر الدعوة للعودة الى سياسة التهدئة الحقيقية الصادقة ، والتخلي عن محاولات التذاكي والتشاطر والاثارة العصبية الفئوية والحزبية والطائفية . فكل ازمة لا تعالج اسبابها الرئيسية لا تلبث ان تنفجر من جديد بخطورة اكبر واستعصاء للحل.

نحن ندرك جيداً ان التهدئة التي نطالب بها اليوم ليست سهلة التحقيق وسط تصاعد المواقف المتطرفة والمتناقضة ، واستمرار التعطيل المتمادي لمختلف الحلول المطروحة ، يمارسه ارباب المنظومة الحاكمة بخفة في غياب الحس الوطني بالمسؤولية . ولكننا ندرك، في الوقت ذاته، انه مهما تعقدت الامور وتباعدت المواقف لا مفر امام الجميع من التلاقي والتحاور المباشر والصريح في العمق لانه وحده طريقنا للخروج من المآزق التي نعاني منها جميعنا.

المعلم كمال جنبلاط الذي نسير على خطاه علّمنا ان لبنان:

"في واقعه مجهز لكي يكون بلد العقلانية المجردة عن شتى تيارات الجهالة والهوس في منطقة الشرق الاوسط. فهو في واقع المكان والزمان ، اي في الجغرافيا والتاريخ والحضارة، كان ولا يزال بالرغم من كل المتناقضات والتعاكسات والتنوعات التي يحتضنها، يشكّل وحدة للعيش واحدة ، وحدة للحياة المشتركة، وقد يكون في ذلك السر والسبب الذي يجعل التناقضات والمفارقات والنزاعات والازمات على اختلافها تجد لها في النهاية حلولاً واقعية وتسويات معقولة ."

(المرجع: كتاب كمال جنبلاط "لبنان والجسر الوطني المقطوع" ص. 66-70)

وانطلاقاً من هذه المفاهيم نقول لأرباب الحكم والسياسة ان الاعتماد على المماطلة والتعطيل واهمال العمل الجدي والفوري الصادق لإيجاد حلول تخرج البلد من ازماته الخانقة، وذلك للتوصل الى حلول عن طريق تدخل القوى الاقليمية والدولية لن يجديكم نفعاً. ان الاوضاع على المستويين الاقليمي والدولي معقدة ومأزومة، والتفاهم حولها متعذّر في الافق القريب . وربما البعيد. لذلك ندعوكم للعودة الى لبنانيتكم، وتحمل مسؤولياتكم، والمبادرة الى تخطي المواقف المتشنجة الشخصية والفئوية، وما ينتج عنها من تفجّر للاوضاع غير المحمودة وتفاقم للازمات والتلاقي حول حلول وطنية انقاذية جامعة لأنها التسوية الوحيدة المتاحة للانقاذ.

هذه التسوية لازالت ممكنة اذا صدقت النوايا فهل ستقدمون عليها ، وتنقذوا الوطن والمواطنين قبل فوات الاوان؟

ولتأكيد صحة ما ندعو اليه نستذكر ما قاله المعلم كمال جنبلاط حول ان لبنان ، رغم كل شيء، هو بلد التسوية ووحدة العيش المشترك

 "في الاطار الجغرافي الطبيعي القائم – واقع المكان – وفي هذا القالب المعنوي التاريخي الحضاري المتصل - واقع الزمان - كان لبنان ولا يزال ، بالرغم من التناقضات والمعاكسات والتنوعات التي يتضمنها ويحتضنها، كان ولا يزال يشكل وحدة للعيش واحدة ، وحدة للحياة المشتركة .... وقد يكون في ذلك السر والسبب الذي يجعل التناقضات والمفارقات والتنوعات والاختلافات والازمات كافة تجد في النهاية لها حلاً واقعياً منسجماً وتسوية معقولة."

(المرجع: كتاب كمال جنبلاط "لبنان في واقعه العربي ومرتجاه " ص. 66)


الكاتب

عباس خلف

مقالات أخرى للكاتب

العدد 48

الخميس 01 نيسان 2021

مواقف لكمال جنبلاط ترسم خريطة طريق لانقاذ حاضر الوطن ومستقبل الكيان

عباس خلف


في السادس عشر من شهر آذار سنة 1977، اغتالت يد الغدر المعلم كمال جنبلاط قبل ان يتم الستين من عمره. وترك على هذه الارض الطيبة التي ناضل من اجل مستقبل افضل لمواطنيها، دعوة للبنانيين للثورة على الظلم والوصاية والتبعية والفساد والتحرر من السجن الكبير. لقد اغتالوا جسد المعلم ، ولكن فكره باق بقاء هذه الارض والتغيير آتٍ لا محالة اذا اراد اللبنانيون لوطنهم ان يستمر ويدوم

العدد 47

الثلاثاء 02 آذار 2021

كلمة حق

عباس خلف


"ان كلمة الحق التالية نشرتها على الفيسبوك بتاريخ 22 نيسان 2014، وقد كتبت بموضوعية وصدق بصرف النظر عن علاقة الصداقة التاريخية بين جان عبيد وبيني. وقد وجدت من المناسب ان اعيد نشرها في "ملح الارض" للتاريخ والذكرى، ولأن الفقيد الغالي حافظ على الالتزام الصارم بالقيم الاخلاقية والانسانية الى آخر يوم من حياته. تحية محبةٍ ووفاء الى روحه الطاهرة."

العدد 46

الإثنين 01 شباط 2021

عن اية دولة مدنية يتحدثون؟

عباس خلف


لبنان اليوم مهدد بكيانه ، وبمعاناة شعبه التي لم يشهد لها مثيلاً في اصعب مراحله التاريخية : انهيار مالي واقتصادي، اختناق اجتماعي، فقر مدقع وبطالة، هجرة تواجه اقفال ابواب السفارات في وجهها، دول شقيقة وصديقة تحولت عن الاهتمام بالقضايا

العدد 43

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020

ملح الارض - قضايا الفكر يسيئ اليها الاجتزاء ، وتستدعي التجرد وحسن الاطلاع

عباس خلف


مناسبة هذا العنوان كلام مجتزأ نسب الى المعلم كمال جنبلاط، وخلق التباساً حول رؤية صاحبه للبنان الحداثة، وصوّره داعية للتقسيم الطائفي وفدرالية الطوائف. وبما اننا في رابطة اصدقاء كمال جنبلاط مؤتمنون وحريصون على ابراز تراث كمال جنبلاط الفكري والسياسي


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك