نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 65

الثلاثاء 30 آب 2022

ما يقوم به فلاديمير يوتين انعش طموحات الكثيرين في العالم ، فهل نحن على ابواب حرب عالمية جديدة؟

مع الاحداث

سعيد الغز

بعد تفكك الاتحاد السوفياتي سنة 1990، ومع وصوله الى سدّة الحكم كرئيس للحكومة اولا ً، ثم كرئيس لدولة روسيا الاتحادية تالياً، واقدامه على فرض تعديل على الدستور الروسي يمكّنه من البقاء في السلطة حتى العام 2036 على الاقل، انتهج فلاديمير بوتين سياسة العمل بمختلف الوسائل على اعادة النفوذ العالمي لروسيا كدولة عظمى وشريك اساسي في ادارة الشؤون العالمية من جهة ، ومعاقبة الذين خرجوا من رحم الاتحاد السوفياتي ليشكلوا دولاً مستقلة عن روسيا الاتحادية وفي اواسط اسيا ، وشرقي اوروبا من جهة اخرى . استغل بوتين العصبية القومية الروسية لقمع النزعات القومية الاخرى كما فعل في جورجيا. وشنّ حروباً على الدول المارقة في المحيط الاسيوي الاسلامي المجاور لاجبارها على العودة الى بيت الطاعة الروسي ، كما فعل في الشيشان. رأى بوتين في صعود الاسلام السياسي المتطرف خطراً داهماً ، قد يتفاقم اذا تغلغل الى الداخل الروسي الذي يضم اقلية تناهز 25 مليوناً في روسيا ، وينتظر ان يشكلوا اكثر من نصف السكان في حلول العام 2050 لارتفاع الزيادة السكانية عندهم .

لمواجهة هذا الخطر الداهم ، قرر بوتين التصدي للتطرف الاسلامي في مناطق انطلاقة في الشرق الاوسط وضربه في المهد قبل تمدده في الداخل الروسي . ومن اجل تحقيق هذا الهدف قرر التدخل عسركياً في سوريا في ايلول 2015، ولازالت قواته هناك حتى اليوم ، تحمي نظام الاسد وتلاحق الاسلاميين.

هذا التدخل اتاح لروسيا ان تصبح لاعباً اساسياً في منطقة الشرق الاوسط ، وصاحبة القرار في مواجهة العديد من الاحداث . كما حقق لبوتين اقامة ركيزة اساسية له على الساحل السوري تضمن له دوراً هاماً في الحوض الشرقي للبحر المتوسط.

اما على الصعيد الاوروبي ، فقد اثارت مخاوف بوتين محاولات الولايات المتحدة خاصة ، ودول حلف شمالي الاطلسي عامة التمدد شرقاً الى الدول المجاورة لروسيا ، ودفعها للانخراط في المعسكر الغربي. واعتبر هذه السياسة المعادية خطراً داهماً على بلاده ونظامه ، واعتبر ان الهجوم هو افضل وسائل الدفاع ، فاستغل وجود اقليات روسية في اوكرانيا ، لينطلق في حرب سماها تحريرية استباقية وكانت اولى مراحلها السيطرة على شبه جزيرة القرم في البحر الاسود سنة 2015. ثم كانت الحرب الشاملة على اوكرانيا قس شباط 2022 بحجة تحرير مناطق شرقي وجنوبي البلاد حيث تتواجد الاقلية الروسية . الحرب على اوكرانيا المتواصلة حتى الآن خلّفت دماراً شاملاً وكانت لها تداعيات سياسية واقتصادية وغذائية في اوروبا خاصة وسائر دول العالم عامة .

هذا الغزو الروسي لأوكرانيا اعاد الى ذاكرة الاوروبيين ما قام به هتلر سنة 1938 من هجوم على تشيكوسلوفاكيا بحجة تحرير الاقلية الالمانية في منطقة السود يشا. وتخاذل الدول الاوروبية عن المجابهة شجع هتلر على اجتياح النمسا ثم بولندا، لتنشب على الاثر الحرب العالمية الثانية في مطلع شهر ايلول 1932. وهنا يبرز التساؤل هل يقلّد بوتين اليوم ما قام به هتلر بالامس ، فيوسع حربه التحريرية لتشمل دول البلطيق وفنلندا والسويد وغيرها من الدول التي انتقلت من النفوذ السوفياتي الى النفوذ الغربي الاوروبي والاطلسي؟ وماذا سيكون الرد العالمي على ذلك؟

سياسة بوتين هذه كانت لها اصداؤها في العديد من مناطق العالم وحرّكت شهية العديد من الحكام لمحاولة تحقيق طموحاتهم التوسعية ، وخاصة اولئك الذين لهم علاقات وثيقة مع النظام الروسي . فها هو الرئيس التركي اردوغان يخطط اليوم لشنّ حملة عسكرية توسعية للسيطرة على شمالي سوريا بحجة حماية حدوده الجنوبية من الارهاب من جهة ، واقامة ربط نزاع قد يتحول إلى حرب ساخنة مع اليونان حول الحق بالسيطرة على جزر في بحر ايجه. هذا الى جانب تدخله عسكرياً في ليبيا على الساحل الافريقي ليكون له دوراً فاعلاً في شؤون حوض البحر المتوسط من جهة اخرى .

وفي منطقة الشرق الاوسط، افاد النظام الايراني من الغطاء الروسي ليرسخ سيطرته على الاوضاع في العراق وسوريا ولبنان واليمن ، وليربط نزاع قد يتحول الى حرب ساخنة مع دول الخليج العربية وحلفائها.

اما من الشرق الاقصى على المحيط الهادئ، فيبدو ان المخاطر والتهديدات تتصاعد . الولايات المتحدة وحلفاؤها من جهة والصين وكوريا الشمالية من جهة اخرى . فكوريا الشمالية تهدد كوريا الجنوبية والصين تهدد تايوان بحروب تحريرية على النسق الروسي .

ما يشهده العالم من توترات وتهديدات متبادلة اليوم ينذر بالاسوأ، وقد يؤدي الى نشوب حرب عالمية جديدة بالغة الخطورة تنذر بالدمار الشامل ، ويبرز السؤال : هل من امكانيات لا تزال متوفرة لمنع هذا الدمار ؟ ومن يقودها ، بعد ان افشلت الدول الكبرى الدور المطلوب من منظمة الامم المتحدة لمنع الحروب وحماية السلام العالمي ؟


الكاتب

سعيد الغز

مقالات أخرى للكاتب

العدد 48

الخميس 01 نيسان 2021

الحكم متعثر والبلد مأزوم والتعطيل مدعوم، فبئس المصير المشؤوم

سعيد الغز


"ان المشكلة اللبنانية لا تحلّ الا على اساس وطني لا طائفي ، ومنهج حازم في آن واحد يوصل الى اقامة دولة مدنية علمانية في لبنان تصهر المجتمع اللبناني في البوتقة الوطنية ." كمال جنبلاط

العدد 47

الثلاثاء 02 آذار 2021

في لبنان وفي العالم ... صراع غير متكافئ بين الديموقراطية والديكتاتورية

سعيد الغز


في لبنان لا تزال الاحداث المقلقة تتواصل ، فعلى المستوى الشعبي الازمات تتفاقم مالياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً وصحياً وامنياً والمسؤولون عن ادارة الدولة وتدبير شؤون الناس عاجزون وفاشلون وغائبون كلياً عن القيام بالمطلوب منهم . منذ اندلاع حركة الاحتجاج

العدد 46

الإثنين 01 شباط 2021

من واشنطن الى بيروت المخاطر على الديموقراطية تتصاعد

سعيد الغز


خطفت الاضواء في هذا الشهر الاحداث التي شهدتها العاصمة الاميركية واشنطن. ففي ليل الاربعاء الموافق 06 كانون الثاني 2021. انشغلت وسائل الاعلام والتواصل في مختلف دول العالم، بما تعرّض له الكونغرس الاميركي من اقتحام غوغائي عنصري متطرف، حرّض عليه مباشرة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الرافض لنتائج الانتخابات التي خذلته واوصلت الى سدة الرئاسة المرشح الديموقراطي جو بايدن.

العدد 43

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020

مع الاحداث: لبنان اليوم على طريق الجلجلة .... اي مصير

سعيد الغز


هذا الشهر ايضاً، الاحداث تتوالى في لبنان والاوضاع تتفاقم: العجز على مستوى ارباب السلطة لايزال هو السائد. البلد يسير على غير هدى: لا مال ، لا اشغال، لا كهرباء، لا محروقات، كورونا جائحة ولا دواء ولا استشفاء الا لأصحاب الثروة والحظوة. حبل انقطاع السلع الغذائية والتجهيزية على غاربه، يقابله التهريب المحمي من ذوي القدرة. كل هذا ولا اي مسعى رسمي فعلي للبحث عن مخارج وحلول، الا في الاطلالات التلفزيونية الدعائية للمسؤولين.


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك