نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 64

الإثنين 01 آب 2022

إحذروا الدول الصغرى

نجاة شرف الدين

في العام 2010 أصدر الكاتب البريطاني ديفيد هيرست كتابه " إحذروا الدول الصغرى " والذي خصص جزءا مهما منه للحديث عن النموذج اللبناني كإحدى تلك الدول التي تحولت لتكون ساحة معارك الشرق الاوسط معتبرا ان مشكلة تلك الدول انها تتسبب بالمشاكل لمحيطها والدول اللاعبة فيها، كما تكون ساحة هذا الصراع في نفس الوقت ، ويرى هيرست ان تداخل العوامل الداخلية مثل الطوائف والمصالح بالخارجية كالصراع العربي الاسرائيلي في الساحة اللبنانية تجعل منها دولة غير مستقرة وخطرة .

هيرست الذي خبر المنطقة وعاش في لبنان لاكثر من خمسين عاما قال لي يومها ، انه لو لم يجد العنوان ( وهو بالمناسبة للفيلسوف الروسي ميخائيل باكونين عام 1870 ) لما أصدر الكتاب ولتخلى عن المشروع .

إستعادة الحديث عن هذا الكتاب بعد كل هذه السنوات ، ترتبط بشكل اساسي بالتطورات التي يشهدها لبنان سياسيا وأمنيا ونتيجة المتغيرات التي حصلت حوله منذ ذلك التاريخ ، ووصوله اليوم الى مفترق تتداخل فيه الازمات من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والمالي الى أزمة النازحين السوريين وصولا الى امكانية عودة المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية والاستحقاق الرئاسي المنتظر خلال الاشهر الثلاثة المقبلة .

وعلى الرغم من استمرار الازمات منذ العام 2019 دون إيجاد أي حلول للحد من الانهيارات، والتي يكرر المسؤولون الدوليون على مسامع اللبنانيين ، بأن الطريق للعبور منها هي عبر وقف الحفر والبدء بالاصلاحات والذهاب الى خطة مع صندوق النقد الدولي وهو ما يحتاج لقرار سياسي موحد ( الغير موجود)، فإن الاستحقاقات الداهمة ولا سيما منها ترسيم الحدود والانتخابات الرئاسية ، تؤشر الى ، إما الذهاب في تسوية كبرى بمشاركة اللاعبين الدوليين والاقليميين ومنهم اميركا وايران والسعودية وفرنسا وان يكونوا شركاء في تحقيق العودة الى التفاوض والسماح بالتنقيب ويكون لهم رأي في إسم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ، لا سيما أنهم سيساهمون بعدها في دعم لبنان ، وإما إستمرار النهج القائم والصراع السياسي وانهيار ما تبقى من مؤسسات وربما الذهاب الى الحرب السابعة بين حزب الله وإسرائيل ، كما أسماها ديفيد هيرتس في كتابه .

صحيح ان الاجواء الايجابية التي حاول البعض نشرها مع عودة الوسيط الاميركي آموس هوكستين الى بيروت لا توحي بتصعيد قريب ، وصحيح أيضا ان المنطقة لا تحتمل حربا جديدة لا يمكن التكهن بنتائجها ، إلا ان لبنان الدولة الصغيرة في المنطقة المؤثرة والمتأثرة بما يحدث حولها ،فان استقرارها مرتبط بالضرورة باستقرار محيطها .

عندما طرحت على هيرست السؤال عن حتمية قناعته بالحرب السابعة، وهو سبق التغييرات التي حدثت من الحرب في سوريا الى اليمن والتطبيع بين اسرائيل ودول الخليج ، قال : " لا اعتقد ان اسرائيل تستطيع العيش وعلى حدودها قوة مثل حزب الله كما لم تستطع ان تتحمل منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات ، التي لم تشكل خطرا مباشرا كما حزب الله " ، وأضاف شارحا هذه الحتمية بالقول " لا مفر من الحرب عاجلا ام آجلا سيكون هناك مواجهة بين حزب الله واسرائيل وقد تكون بحسابات خاطئة " .

قبيل وصول الموفد الاميركي آموس هوكستين لبيروت ، هدد السيد حسن نصر الله باستهداف حقول النفط والغاز في الاراضي الفلسطينية المحتلة في حال لم يسمح للبنان باستخراج نفطه وغازه ، وأعلن «المعادلة الجديدة: كاريش، وما بعد كاريش، وما بعد بعد كاريش».وتزامنا مع وصول هوكستين ، نشر حزب الله فيديو احداثيات المنصات الاسرائيلية .أما الرئيس نبيه بري وعشية الزيارة فقال " إنَّ لبنان يُريد حقل قانا كاملاً "يا كلّو يا بلاه", مضيفًا, "انشالله سيكون الذهاب إلى الناقورة, أحسن ما نروح على مطرح تاني".فهل ما يعنيه بالمطرح التاني هي الحرب السابعة ؟


الكاتب

نجاة شرف الدين


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك