نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 64

الإثنين 01 آب 2022

هل بتنا على وشك الفراغ الشامل ... والوقوع في المجهول؟

ملح الارض

عباس خلف

"في الايام المصيرية ، من لا يعرف كيف ينتصر على ميوله ومشاعره وغرائزه وقت الانتصار، لابد ان يخسر مفاعيل هذا الانتصار ، فالكسب الحقيقي من كل فوز نحققه هو القدرة على جذب الاخرين الى المبدأ الذي نبشّر به وكسبهم الى التيار الذي نسير في نهجه".

(كمال جنبلاط : من مقال له في "جريدة الانباء" في 5/5/1972 وورد في الصفحة 256 من كتابه "العقلانية السياسية" )

على ضوء ما نعيشه هذه الايام في لبنان ، من تأزم وتراشق بالتهم بين اطراف السلطة التنفيذية ورئاسة الدولة ، ومن تشرذم في السلطة التشريعية ومن شلل في القضاء وفي مختلف ادارات الدولة ، ترتب عليه تفاقم غير مسبوق في الامور المعيشية ومخاوف متزايدة على المستقبل والهوية. بات من حق وواجب كل مواطن، ان يسائل اولياء هذه السلطات والادارات المعطلة الذين اوصلوا الاوضاع الى هذا المستوى من الانحدار والتأزم ، لماذا هذا التجاهل المتعمد لمعاناة الناس واستفزازهم وكأنهم اعداء؟ لماذا تقديم المصالح الشخصية والفئوية على مصالح المواطنين والتقاعس عن ايجاد الحلول اللازمة للازمات المعيشية المتفاقمة؟ هل يدرك هؤلاء المسؤولون المتهافتون على الحصص والمناصب ان المواطن لا تعني له هذه المهاترات شيئاً، بعد ان اوصلته الى العيش في كابوس يومي ، وبعد فقدانه لمدخرات عمره المحجوزة في المصارف وفقدانه قيمة ما يتقاضاه من رواتب واجور بسبب الانهيار المتمادي من قيمة مقبوضاته بالليرة اللبنانية . هذا المواطن المقهور، والمتروك وحيدا وعاجزا لقدره يسأل المسؤولين: من اين سيتيسر له في هذه الظروف تأمين احتياجاته اليومية والحياتية من سكن وغذاء وكساء وماء وكهرباء ومحروقات ودواء واستشفاء وتعليم وسواها من رسوم وضرائب يتم تسعيرها حسب السوق الموازية على الدولار، وهو يقبض بالليرة اللبنانية التي فقدت حتى اليوم حوالي 95% من قيمتها؟

وفي مواجهة هذا الواقع الذي لم يعد بمقدور المواطنين احتماله نسأل هؤلاء الحكام ، هل من مصلحتهم رؤية مواطنيهم فريسة للجوع والجهل والمرض او الموت على ابواب المستشفيات او المغامرة بركوب قوارب الموت غرقاً في مياه البحار ، او التسكع على ابواب السفارات للحصول على فيزا تنقلهم الى اي بلد آخر اكثر رأفة من حكام بلدهم ؟ لماذا دفع المواطنين الى الثورة على كل شيء واللجوء الى مختلف اشكال العنف لضمان استمرار قدرتهم على العيش؟

اللبنانيون تجاوبوا مع دعوة السلطة وشاركوا في الانتخابات النيابية التي افرزت مجلساً نيابياً جديداً وهو السلطة الاساسية المنبثقة عن الارادة الشعبية . هذا المجلس مطلوب منه محاسبة السلطة الحاكمة على ادائها، ووضع التشريعات التي تساعدها على القيام بواجباتها تجاه الوطن والمواطنين . وبدلاً من ان يحصل ذلك شهدنا ونشهد تعطيلاً متعمداً لمفاعيل هذه الانتخابات، فلا المجلس النيابي يشرّع، ولا يسمح له بتكوين الحكومة الجديدة المفروض فيها التجانس والتعبير عن رغبات الناس والعمل الجاد والاسراع على تلبيتها ، والنتيجة شلل في السلطة التنفيذية وعجز عن تشكيل حكومة جديدة لتضارب مصالح القيمين على تشكيلها ، مما يوقع البلد في فراغ حكومي ، يؤشر الى امكانية الفشل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد اشهر قليلة ، وبالتالي الوقوع في الفراغ الشامل . هل يدرك هؤلاء المتاجرون بكل شيء و بالكيان وبالوطن وبالمواطنين على مذابح اهوائهم وطموحاتهم الشخصية او الفئوية الحزبية والمذهبية ، ما هي تداعيات تعطيل كل السلطات وشلّ عمل الادارات على مصير الوطن والمواطنين؟

وحتى لا يصل لبنان الى مثل هذا المصير ، مطلوب من الجميع عامة ، ومن ارباب السلطة الحاكمة خاصة ، التهدئة والتعقّل رحمة بانفسهم وبالوطن والمواطنين ، التنازل عن كل ما هو خاص شخصي او حزبي او فئوي او محوري للصالح العام والانقاذ العام الذي جميع المواطنين بأمس الحاجة اليه ، والانصراف فوراً الى استكمال تشكيل كل السلطات على اساس معيار الكفاءة والنزاهة ، والانصراف الى وضع الخطط والحلول الانقاذية بدلاً من المكابرة والمغامرة والاستقواء بالخارج التي توشك ان تودي بالوطن ومن فيه الى غياهب المجهول .

الى هؤلاء جميعاً نقول مع المعلم كمال جنبلاط:

"على هذه الاسس يجب ان يقوم الحكم المقبل في لبنان :

ان الامور لن تستقيم في لبنان الا اذا اعتمد الحكم المقبل على الاسس التي اعتمدها الحكم الشهابي ، والتي كفلت للبنان الاستقرار والازدهار . وهذه الاسس هي :

1- اعتماد سياسة خارجية متحررة من النفوذ الاجنبي وتتبنى الحياد في مواجهة المعسكرات والمحاور القائمة ، والتعاون الايجابي بالنسبة لكل الدول ، وخاصة الدول العربية ، والدفاع عن القضايا العربية وعلى رأسها قضية فلسطين .

2- اعتماد سياسة اجتماعية واقتصادية متطورة عمادها التخطيط الشامل ، واساسها التصميم التنموي الشامل لجميع امكانات البلاد ومواردها ، وجعل المشاريع التنموية تعمّ مختلف المناطق وكل شرائح المجتمع اللبناني."

(المرجع: من خطاب له في راشيا الوادي بتاريخ 21/9/1963 ورد نصه في الصفحة 103 من كتاب المعلم كمال جنبلاط "لبنان وطن نفديه لا ملجأ نرتضيه")

انها ساعة الامتحان وعلى اساسها يكرّم المرء او يهان .


الكاتب

عباس خلف

مقالات أخرى للكاتب

العدد 48

الخميس 01 نيسان 2021

مواقف لكمال جنبلاط ترسم خريطة طريق لانقاذ حاضر الوطن ومستقبل الكيان

عباس خلف


في السادس عشر من شهر آذار سنة 1977، اغتالت يد الغدر المعلم كمال جنبلاط قبل ان يتم الستين من عمره. وترك على هذه الارض الطيبة التي ناضل من اجل مستقبل افضل لمواطنيها، دعوة للبنانيين للثورة على الظلم والوصاية والتبعية والفساد والتحرر من السجن الكبير. لقد اغتالوا جسد المعلم ، ولكن فكره باق بقاء هذه الارض والتغيير آتٍ لا محالة اذا اراد اللبنانيون لوطنهم ان يستمر ويدوم

العدد 47

الثلاثاء 02 آذار 2021

كلمة حق

عباس خلف


"ان كلمة الحق التالية نشرتها على الفيسبوك بتاريخ 22 نيسان 2014، وقد كتبت بموضوعية وصدق بصرف النظر عن علاقة الصداقة التاريخية بين جان عبيد وبيني. وقد وجدت من المناسب ان اعيد نشرها في "ملح الارض" للتاريخ والذكرى، ولأن الفقيد الغالي حافظ على الالتزام الصارم بالقيم الاخلاقية والانسانية الى آخر يوم من حياته. تحية محبةٍ ووفاء الى روحه الطاهرة."

العدد 46

الإثنين 01 شباط 2021

عن اية دولة مدنية يتحدثون؟

عباس خلف


لبنان اليوم مهدد بكيانه ، وبمعاناة شعبه التي لم يشهد لها مثيلاً في اصعب مراحله التاريخية : انهيار مالي واقتصادي، اختناق اجتماعي، فقر مدقع وبطالة، هجرة تواجه اقفال ابواب السفارات في وجهها، دول شقيقة وصديقة تحولت عن الاهتمام بالقضايا

العدد 43

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020

ملح الارض - قضايا الفكر يسيئ اليها الاجتزاء ، وتستدعي التجرد وحسن الاطلاع

عباس خلف


مناسبة هذا العنوان كلام مجتزأ نسب الى المعلم كمال جنبلاط، وخلق التباساً حول رؤية صاحبه للبنان الحداثة، وصوّره داعية للتقسيم الطائفي وفدرالية الطوائف. وبما اننا في رابطة اصدقاء كمال جنبلاط مؤتمنون وحريصون على ابراز تراث كمال جنبلاط الفكري والسياسي


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك