نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 61

السبت 30 نيسان 2022

- مجلة "فورين أفيرز" الأميركية عن أزمة لبنان وإفلاسه: الولايات المتحدة تتساهل مع أصدقائها اللبنانيين الفاسدين

من الصحافة اخترنا لكم

جريدة نداء الوطن

ترجمة جريدة نداء الوطن - 19/4/2022

كيف عنونت "فورين أفيرز" تقريرها عن لبنان؟

نشرت مجلة «فورين أفيرز» الأميركية أمس تقريراً عن أزمة لبنان وعلاقة الولايات المتحدة بعدد من رموز النخب اللبنانية أكدت فيه أن اتخاذ موقف أميركي أكثر تشدداً بشأن الفساد في لبنان، سيؤدي حتماً إلى الإضرار ببعض العلاقات الأميركية طويلة الأمد مع السياسيين والنخب المالية اللبنانية. لكن هذه النخب ليس لديها خيار سوى التعاون مع واشنطن لمكافحة تمويل الإرهاب واستبعاد «حزب الله» من الشبكات المصرفية الدولية، بالنظر إلى أن الولايات المتحدة يمكنها بشكل فعال عزل البنوك غير الملتزمة عن النظام المالي العالمي. وأشار التقرير الى ان الولايات المتحدة تحتاج إلى إعطاء الأولوية لإنقاذ الاقتصاد اللبناني على الحفاظ على العلاقات مع القادة الذين دمروه. ويتطلب ذلك تعزيز الإصلاحات المؤلمة على حساب النخب اللبنانية، بما في ذلك تلك التي يُنظر إليها على أنها صديقة للولايات المتحدة.

يوضح التقرير أن لبنان هو اختبار رئيسي لأجندة إدارة بايدن لمكافحة الفساد. فما تفعله الولايات المتحدة في لبنان لن يؤثر فقط على احتمالات خطة الإنقاذ التي قد تمنع الدولة اللبنانية من الفشل، بل سيثبت للأنظمة الفاسدة حول العالم أن واشنطن جادة في محاربة الفساد. ولكن للقيام بذلك، سيتعين على إدارة بايدن أن تُظهر للقادة اللبنانيين أنها لن تتسامح بعد الآن مع هذا النوع من الفساد الكبير الذي أضر بالاقتصاد اللبناني. إذا تعذر ذلك، فإن خطاب بايدن المناهض للفساد سيكون مجرد كلمات. وفي ما يلي أبرز ما جاء في تقرير»فورين أفيرز»:

أزمة لبنان، التي تعد من بين الأسوأ التي يتعرض لها أي بلد في التاريخ الحديث، عجّلها انهيار ما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنه «شيء مشابه لمخطط بونزي الاحتيالي»: على مدى سنوات، استخدم البنك المركزي المودعين العاديين لتمويل الإنفاق الفاسد، وهدر الحكومات اللبنانية المتعاقبة.

حصد المشاركون في المخطط عائدات ضخمة، حتى عام 2019، عندما انهار كل شيء. قد لا يكون مخطط البونزي غير قانوني من الناحية الفنية، لكنه مع ذلك يرقى إلى مرتبة الفساد على نطاق واسع: فقد ارتكبت النخب اللبنانية عمليات حفزت مكاسبها غير المشروعة، وتركت الملايين من مواطنيها الفقراء ممسكين بالحقيبة الفارغة.

يقاومون الاصلاح لأنهم سيخسرون في أي حل منظم

لقد طال أمد الفساد بسبب عدم استعداد المسؤولين لتغيير أساليبهم أو تحمّل نصيبهم العادل من الخسائر المالية الهائلة للبلاد. المانحون الدوليون مستعدون لمناقشة خطة إنقاذ يمكن أن تصحح الاقتصاد، لكن القادة اللبنانيين قاوموا حتى أبسط الإصلاحات التي طالب بها المقرضون كشرط مسبق لحزمة الإنقاذ.

لقد استفادت النخب السياسية والمالية في البلاد بشكل جيد من النظام الحالي، وهي ستخسر من أي حل منظم. وفقاً للبنك الدولي، أصبح لبنان الآن غارقاً في «ركود متعمد»، من قبل النخبة في البلاد التي استولت على الدولة منذ فترة طويلة وعاشت من ريعها الاقتصادي.

يشكل مأزق لبنان تحدياً فريداً لإدارة الرئيس الاميركي جو بايدن، التي تأمل في منع الانهيار الكامل للبلاد، وأعلنت أن محاربة الفساد من أولويات الأمن القومي. تماشياً مع أجندة الرئيس جو بايدن العالمية لمكافحة الفساد، دفع المسؤولون الأميركيون القادة اللبنانيين لكبح جماح الفساد وإجراء الإصلاحات التي من شأنها أن تمكن من إنقاذ دولي. لكن قلة في لبنان تأخذ كلام الولايات المتحدة على محمل الجد، منذ أن تسامحت واشنطن منذ فترة طويلة مع الفساد بين شركائها في لبنان وجعلت إجراءات مكافحة الفساد سلاحاً ضد أعدائها.

صمت أميركي طويل ومصداقية على المحك

ظل المسؤولون الأميركيون صامتين إلى حد كبير بشأن المخطط الفاسد الفادح الذي أدى إلى إفلاس لبنان، والذي تورط فيه شركاء الولايات المتحدة الرئيسيون.

عندما يتعلق الأمر بالفساد في لبنان، فإن الولايات المتحدة لديها مشكلة مصداقية، وهي مشكلة ستحتاج إدارة بايدن إلى معالجتها إذا أرادت أن تكون شريكاً مفيداً في الإصلاح. نهج الإدارة تجاه لبنان لمحاربة الفساد ومنع انهيار الدولة جنباً إلى جنب بالضرورة، هو اختبار حيوي لالتزامها بمكافحة الفساد عالمياً.

يحكم لبنان نظام طائفي غير عملي يقسم التمثيل السياسي إلى 18 طائفة لكل منها زعيمها وإقطاعيتها الموروثة. من خلال تقسيم المناصب الحكومية العليا بين السنة والشيعة والمسيحيين، سهّل هذا النظام سيطرة النخب على مؤسسات الدولة، وتمكينهم من استغلال الموارد العامة لتحقيق مكاسب خاصة وتعزيز سيطرتهم على جماهيرهم الطائفية.

نموذج قائم على جذب الرساميل لدعم الليرة وتمويل العجز

على مدى عقود، اعتمد الاقتصاد اللبناني غير المنتج إلى حد كبير على عمليات ضخ منتظمة لرأس المال الأجنبي لكي يعمل. عندما تباطأت هذه التدفقات بسبب تفاقم الخلل السياسي والصراعات- بما في ذلك في سوريا المجاورة- لجأ البنك المركزي في البلاد في عام 2016 إلى ما أسماه «الهندسة المالية» لتمويل العجز الحكومي والحفاظ على قيمة عالية مصطنعة لليرة. باختصار، دفع البنك المركزي للمصارف أسعار فائدة باهظة على الودائع بالدولار، وهذه البنوك بدورها قدمت عوائدها السخية لجذب المزيد من المودعين. لقد جنوا الكثير من المال، لكن تعرض القطاع المالي في الدولة الى مخاطر نظامية (منهجية) ضخمة.

علاقات وطيدة بين النخبتين السياسية والمصرفية

لم تكن الهندسة المالية مجرد خطوة عالية المخاطر لدعم الحكومة اللبنانية والعملة اللبنانية، فقد كانت أيضاً أحدث نسخة من اتفاق دام عقوداً بين النخب الحكومية والمالية، حيث تغذي الموارد العامة القطاع المصرفي الضخم في البلاد. إن الطبقة السياسية في لبنان متورطة بعمق مع نخبها المالية... ربما لم يكن من غير القانوني أن يستفيد المسؤولون اللبنانيون من السياسات المدمرة للبنك المركزي، لكنها كانت فاسدة بالتأكيد. وانهار كل شيء في تشرين الاول 2019، عندما ردت البنوك اللبنانية المتعثرة بالفعل على الاحتجاجات الضخمة المناهضة للحكومة بإغلاق أبوابها ومنع المودعين من الوصول إلى حساباتهم. أثار ذلك أزمة ثقة قاتلة في القطاع المصرفي، مما جعل البنوك الخاصة والبنك المركزي والدولة في لبنان معسرة فجأة.

العبء الأكبر على الأقل قدرة على التحمل

في 2020 إشترط المانحون الأجانب لخطة الإنقاذ الضخمة اللازمة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد اللبناني توقيع اتفاق بين لبنان وصندوق النقد الدولي من شأنه أن يتطلب الانضباط المالي والإصلاح. ومع ذلك، فإن قادة لبنان وحلفاءهم في القطاع المصرفي لم يتعاونوا. وبدلاً من ذلك، فقد قاوموا أي حل من شأنه أن يلحق الضرر بمساهمي البنوك أو كبار المودعين. كما أنهم لم ينفذوا بعد الإجراءات الأساسية، بما في ذلك الموافقة على خطة لإعادة هيكلة الدين الخارجي للبنان وتوحيد أسعار الصرف المتعددة في البلاد، التي طلبها صندوق النقد كشرط مسبق لخطة الإنقاذ. في غضون ذلك، سمحت البنوك للنخب بنقل أموالها خارج البلاد مع تقييد وصول المودعين العاديين إلى حساباتهم، مما يعني أن العبء الأكبر من الخسائر الاقتصادية في لبنان يقع على عاتق الأقل قدرة على تحملها.

إشكالية علاقات واشنطن بحاكم مصرف لبنان

حث مسؤولو وزارة الخزانة الأميركية القادة والمصرفيين اللبنانيين على تكثيف جهود العناية الواجبة وتحسين الشفافية والمساءلة. في تشرين الأول 2021، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على رجلَي أعمال لبنانيَّين مرتبطين سياسياً وعضو في البرلمان بتهمة الإثراء غير المشروع وتقويض سيادة القانون. وفي كانون الأول، قدمت دوروثي شيا، السفيرة الأميركية في بيروت، لصحافي استقصائي لبناني جائزة لمكافحة الفساد، مستغلة هذه المناسبة للتأكيد على التزام واشنطن الجديد بمحاربة الفساد.

ومع ذلك، لا شيء من هذا مقنعاً بشكل خاص، بالنظر إلى أن الولايات المتحدة يُنظر إليها على أنها مقربة من بعض المسؤولين اللبنانيين المسؤولين عن الأزمة الحالية. محافظ البنك المركزي رياض سلامة، على وجه الخصوص، عمل لفترة طويلة مع الولايات المتحدة لمواجهة تمويل «حزب الله». بالإضافة إلى تحمل المسؤولية عن سياسة البنك المركزي للهندسة المالية والانهيار الاقتصادي للبلاد، يواجه سلامة مزاعم خطيرة بالإثراء غير المشروع. لكن حتى وقت قريب، كان الكثيرون في لبنان يرون أنه لا يمكن المساس به بسبب علاقته بواشنطن، وليس بدون سبب. في أيار 2020، أجرت شيا مقابلة تلفزيونية دافعت فيها عن سلامة، قائلة إن الولايات المتحدة «عملت معه عن كثب على مر السنين» وأنه «يتمتع بثقة كبيرة في المجتمع المالي الدولي». جاءت تلك المقابلة في لحظة محورية في السياسة اللبنانية، تماماً كما ذكرت وسائل الإعلام اللبنانية أن سلامة، إلى جانب اللوبي المصرفي في البلاد والعديد من حلفائه في البرلمان، كانوا يعارضون خطة الحكومة اللبنانية للتعافي المالي التي كان من المفترض أن تكون بمثابة الأساس لإجراء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي. فاز سلامة وحلفاؤه، وانهارت المحادثات مع صندوق النقد الدولي، واستمرت الأزمة الاقتصادية في لبنان لمدة عامين آخرين.

سمحت أميركا بتسييس جهود مكافحة الفساد

لكن المشكلة ليست فقط أن الولايات المتحدة قد نظرت بعيداً عن الفساد في الماضي، بل إنها سمحت أيضاً بتسييس جهود مكافحة الفساد بطريقة قوضت مصداقيتها. إذا كانت إدارة بايدن تريد من قادة لبنان أن يأخذوا مخاوفها بشأن الفساد على محمل الجد، فإنها بحاجة إلى التخلص من سمعة الولايات المتحدة في التسامح مع الفساد بين النخب الصديقة وتبديد الانطباع بأن إجراءات مكافحة الفساد مثل العقوبات، هي في الحقيقة أدوات للحد من نفوذ «حزب الله» في لبنان.

ولهذه الغاية، سيتعين على واشنطن التأكيد على ضرورة الإصلاح لمحاوريها اللبنانيين، بالتنسيق الوثيق مع حلفاء مثل فرنسا. يجب على المسؤولين الأميركيين دفع قادة لبنان للوفاء بالشروط المسبقة لصندوق النقد الدولي للحصول على المساعدة، بما في ذلك عن طريق اتخاذ خطوات لإعادة هيكلة القطاع المالي، ومراجعة حسابات البنك المركزي، وهي إجراءات سعت النخب اللبنانية إلى عرقلتها. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تصر على أن أي خطة إنعاش اقتصادي يجب أن تحمي صغار المودعين وتوفر الدعم الاجتماعي للفئات الأكثر ضعفاً في البلاد.

ضرورة الانفصال عن النخب المسؤولة عن الانهيار

لكن محاربة الفساد في لبنان ستتطلب أكثر من مجرد إدانة الفساد بعبارات بلاغية والدعوة إلى إصلاحات محددة. سيتطلب ذلك من واشنطن أن تنفصل علناً عن النخب المالية (مثل رياض سلامة) الذين يتحملون مسؤولية انهيار البلاد. هذا أمر حيوي لأن الصراع السياسي الداخلي حول من يجب أن يُلام على الأزمة ومن يجب أن يتحمل تكاليفها لا يزال مستمراً. ينفي مصرف لبنان المركزي والمصارف التجارية المسؤولية عن المأزق الحالي للبلاد. في هذا النقاش الداخلي، تستمد النخب التي تسعى إلى إعاقة الإصلاح قوتها من علاقاتها مع الولايات المتحدة. وهذا هو السبب في أنها سعت باستمرار إلى تصوير التفاعلات مع المسؤولين الأميركيين على أنها تأكيد من واشنطن. لا ينبغي أن يُنظر إلى الولايات المتحدة على أنها تقف إلى جانب نفس النخب التي تقاوم الإصلاحات الضرورية.

بالإضافة إلى دعوة المسؤولين اللبنانيين لدورهم في الأزمة الحالية، يمكن لإدارة بايدن أن تشير إلى جديتها في محاربة الفساد من خلال فرض عقوبات جديدة على الشخصيات اللبنانية الفاسدة عبر الطيف الطائفي والسياسي. يجب أن تتابع عقوبات مكافحة الفساد من خلال استهداف المزيد من السياسيين والمصرفيين والشخصيات الإعلامية المتورطة في الفساد العام، بمن فيهم الأفراد المرتبطون بأحزاب صديقة تقليدياً للولايات المتحدة.


الكاتب

جريدة نداء الوطن

مقالات أخرى للكاتب

العدد 50

الثلاثاء 01 حزيران 2021

كورونا يحفز التجارة الالكترونية

جريدة نداء الوطن


أدت القيود المفروضة لمكافحة كورونا إلى تحفيز التجارة الإلكترونية، العام الماضي، غير أن ذلك لم ينطبق على كل شركات التسوق

العدد 49

الثلاثاء 04 أيار 2021

اربع حالات انقلابية في جمهوريات الازمات

جريدة نداء الوطن


لبنان في حال إنقلابية، وليس في انتظار إنقلاب. وهي حال تتجاور فيها أربعة "إنقلابات" غير مكتملة. وكلها طبعاً من خارج الجيش المحصن ضد إغراء الإنقلابات التي تقوم بها الجيوش، الرافض لدعوته الى القيام بإنقلاب، والحريص على أن يبقى موحداً وصمام الأمان للبلد. أما الحال الإنقلابية الوحيدة المرشحة للإكتمال، فإن حسابات أصحابها الدقيقة في انتظار أن تنضج ظروف إقليمية ملائمة تسبقها حماقات وأخطاء وأحقاد محلية تقود الى الإنهيار الكامل. وأما الناس المسروقة والمهانة والمتروكة لقدرها، فإنها تبدو عاجزة عن الإنتظام ف

العدد 47

الثلاثاء 02 آذار 2021

البيت الأبيض ينتقل من مستنقع الشرق الأوسط إلى مواجهة الصين

جريدة نداء الوطن


بدأ جو بايدن يتجه نحو محور آسيا، لكن يجب ألا يتوقع أحد منه أن يعبّر عن هذا التوجّه صراحةً. أعاد مستشار الأمن القومي، جايك سوليفان، هيكلة فريق الأمن القومي في الشرق الأوسط وآسيا، فعمد إلى تقليص الفريق المخصص

العدد 47

الثلاثاء 02 آذار 2021

بايدن لا يملك وقتاً طويلاً لاسترجاع المصداقية الأميركية

جريدة نداء الوطن


أمعن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في إضعاف المصداقية الأميركية على الساحة الدولية. فقد شككت إدارته صراحةً بقيمة التحالفات المهمة، وتخلّت عن الالتزامات الدولية، وأطلقت تهديدات نارية من دون تنفيذها في معظم الحالات


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك