نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 53

الخميس 02 أيلول 2021

بكتيريا الإشريكية القولونية والسالمونيلا والليستيريا في طعامنا... نأكل فساداً!

صحة وغذاء

جريدة النهار

في 13/8/2021

ليس خافياً على أحد أن حالات التسمّم، التي تشهدها المناطق اللبنانية على اختلافها، بلغت مستويات مرتفعة، فتقنين التغذية بالتيار الكهربائي، وسوء التخزين والتبريد، وغياب الرقابة على سلامة الغذاء كلّها عوامل أساسيّة ساعدت على تفاقم الوضع الغذائيّ والصحيّ في لبنان.

لم يكن مفاجئاً ما كشفته دراسة حديثة، أعدّها فريق بحثيّ يعمل في مختبر ميكروبيولوجيا الغذاء في الجامعة الأميركية في بيروت، بإشراف البروفيسور في العلوم الجرثومية والغذائية في كلية الأغذية والعلوم الزراعية في الجامعة الأميركية عصمت قاسم، حول ما تحتويه الأجبان من تلوّث بكتيري وجرثومي في ظلّ انقطاع التيار وتفاقم أزمة التبريد والتخزين وفق المعايير الصحية.

فبين العامين 2015-2017، أظهرت دراسة سابقة أجرتها كليّة الزراعة في الجامعة الأميركية أن 30% من الألبان والأجبان غير مطابقة جرثومياً. وقد وجد معدّو الدراسة أن 300-350 عيّنة من الجبنة تحتوي على بكتيريا الإشريكية القولونية ( E-coli)، وبعضها على السالمونيلا (salmonella) وبكتيريا الليستيريا (Listeria) وجميعها خطيرة عند استهلاكها.

وعليه، لم نكن نعاني يومها أزمة محروقات، ولكنّنا اليوم نعاني في كلّ المناطق شحّاً وتقنيناً في الكهرباء، وانقطاعاً متواصلاً لساعتين من دون كهرباء أو مولّدات كلّ 6 ساعات تقريباً أو أكثر حسب كلّ منطقة. وبالتالي، ما كان موجوداً في السابق من تلوّث جرثوميّ سيزداد أضعافاً مضاعفة.

اليوم، تلوّث الأجبان أعلى من المعدّل الطبيعي بـ80 مرة، وتكاثر البكيتريا وزيادة أعدادها نتيجة انقطاع الكهرباء وسوء التبريد أدّت إلى هذه النتائج الكارثيّة في سلامة الغذاء.

نحن نتحدّث عن صنف واحد من الأجبان، وعليك أن تتخيّل ما قد تحتويه الأصناف الأخرى من الألبان والأجبان، ناهيك بالأطعمة الأخرى كاللحمة، الدجاج، البهارات وغيرها...وليس علينا أن ننسى أن هذه العيّنة مأخودة فقط من بعض المناطق في بيروت، وتُصنّف ميسورة نوعاً ما، فكيف الحال في باقي المناطق، لاسيما الفقيرة منها.

20 عيّنة من جبنة العكاوي تمّ جمعها من فردان، حي اللجا، قريطم، ساقية الجنزير ورأس النبع، يُعلق البروفيسور في العلوم الجرثومية والغذائية في كلية الأغذية والعلوم الزراعية في الجامعة الأميركية عصمت قاسم لـ"النهار" فيقول: "نُشرت 5 نتائج التي تعتبر أكثر تلوثاً، وأعداد البكتيريا عالية جداً فيها، ولامس المحتوى الجرثومي في الجبنة الموجودة في ساقية الجنزير الـ79600 من بكتيريا الإشريكية القولونية ( E-coli)، في حين أن الحدّ الأقصى، وفق مؤشر ليبنور، يجب ألا يتخطّى الـ1000. أما في حي اللجا، فقد لامس المحتوى الجرثومي الـ20400، وفي رأس النبع 7984، وفي قريطم 4724، وفي فردان 2000، علماً أن معظم هذه العيّنات مغلّفة".

كذلك أظهرت الفحوص المخبرية وجود مضادات حيويّة مقاومة في عيّنات الجبنة بنسب مرتفعة أيضاً، وهذه مشكلة جديّة ورئيسيّة، تؤدّي إلى أمراض مستدامة ومستعصية، شارحاً أن البكتيريا "تتكاثر مرة كلّ 20 دقيقة تحت حرارة مرتفعة، ومع غياب التبريد، لتصل إلى مرحلة تُشكّل فيها خطورة على مستهلكيها، مثلما هي الحال مع العيّنات المأخوذة. وما ظهر اليوم من نتائج مشابه لما كشفنا عنه منذ أشهر على الخضراوات. وبالرغم من غسلها بمياه نظيفة وتقطيعها قبل فحصها، فإن نسب E-Coli و coliforms جاءت مرتفعة.

وعليه، كل هذه النتائج السابقة والحديثة تؤكد حقيقة واحدة أن "غياب التبريد نتيجة انقطاع الكهرباء وشحّ المازوت والتلوث البيئي يؤدّي إلى زيادة نسبة التلوث في الأطعمة بشكل مستطرد، ما يستدعي معالجة الأمور بطريقة فوريّة وسريعة. لم تعدّ المشكلة محصورة في مناطق محدّدة نتيجة الفقر وسوء المعيشة إنّما أصبحت شاملة.

وما صدر تكملة للأبحاث الصادرة سابقاً، التي واظبت على متابعة ملف سلامة الغذاء في ظلّ غياب الدولة والمعنيين بهذا الملف.

ففي دراسة سابقة أجريت في الجامعة الأميركية – كلية الزراعة والعلوم الغذائية تضمّنت تحليل ١١٦٥٠ عيّنة طعام بين العامين 2015-2017، أظهرت النتائج أن 28 % من الأطعمة غير مطابقة جرثومياً. وأظهرت الدراسة أن أصناف الطعام الأكثر عرضة للتلوث الجرثومي جاءت وفق الشكل الآتي:

* المأكولات التي تحتوي على لحوم حمراء 34% غير مطابقة

* الدواجن 30% غير مطابقة

* الألبان 28% غير مطابقة

* البهارات 49% غير مطابقة.

وفي قراءة لهذه النسب، فإن ذلك يعني أن 1 من 4 وجبات غير مطابقة جرثومياً. وعندما نتحدّث عن وجود بكتيريا وفيروسات في أطعمتنا، فنحن نتحدّث عن الأمراض التي تُسبّبها هذه الأطعمة غير المطابقة على المدى القصير والطويل.

قد تكون أعراض التسمّم ألماً في البطن، إسهالاً وتقيّؤاً، ولكن تطوّر الأمور إلى أبعد من ذلك قد يُسبّب أمراضاً مستعصية مثل الفشل الكلوي، التسمّم في الدم، وقد تحدث وفاة.

برأي قاسم "أننا في أزمة اقتصادية، ولكن مسألة مثل سلامة الغذاء لا يمكن أن تكون موضوعاً ثانويّاً؛ فما ينتج عنه من تداعيات صحيّة من شأنها أن تزيد العبء على القطاع الاستشفائي والفاتورة الصحية. فالناس ستمرض أكثر، وستحتاج إلى أدوية ومضادات الالتهاب. لذلك علينا تعزيز مراقبة سلامة الغذاء، وتوجيه الناس إلى ما يجب تناوله، ومن ذلك تجنّب استهلاك اللحمة النيئة، والجبنة النيئة لأنها تحتوي على البكتيريا".

وقد لاحظ بعض المراقبين، الذين كانوا يعدّون الدراسات حول سلامة الغذاء في لبنان أن بعض المواد الغذائية موجودة في بعض المطاعم، وقد شارفت صلاحيتها على الانتهاء، علماً أن الرائحة واللون ليسا معيارين لتحديد جودة المنتج ومدى سلامته.

ويشدّد قاسم على "أننا ندور في حلقة مغلقة، ومتكاملة، حيث الأمور مترابطة ومتداخلة حتى في سلامة الغذاء. وتأكيداً على ذلك، صدرت دراسة أعدّها فريق بحث في الجامعة الأميركية بإشراف البروفسور قاسم تشير إلى أن 46% من البكتيريا E-Coli الموجودة في مياه الأنهار اكتسبت قدرة على مقاومة عدد كبير من الأدوية المضادة للالتهابات، بالإضافة إلى أن نحو 30% من مياه الأنهار غير صالحة للسباحة، و70% منها غير صالحة للري.

ومياه الري التي نستعين بها لري المزروعات، التي تُنقل تباعاً إلى المطاعم والسوبرماركت من دون تبريد؛ وهذه البكتيريا الموجودة في مياه الريّ تنتقل من دون أن يتمكّن المواطن من التمييز أو معرفة مدى سلامة ما يتناوله.

وأمام هذا الواقع، علينا تشديد الرقابة والتوعية حول سلامة الغذاء، وعلى الناس تجنّب الأطعمة التي تكون معرّضة أكثر من غيرها للتلوث الجرثوميّ، خصوصاً في ظلّ التقنين الكهربائيّ. لذلك ينصح قاسم "بعدم تناول الأجبان نيئة، ويفضّل طهوها للتخلّص من نسبة الفيروسات والبكتيريا التي تموت على الحرارة العالية. كما يجب فرز الألبان والأجبان في الثلاجة، وعدم فتح الباب عليها عند انقطاع الكهرباء حتى تبقى مخزّنة ضمن حرارة منخفضة أو وضع أكباش ثلج عليها لضمان تبريدها جيداً في ساعات التقنين داخل الثلاجة".


الكاتب

جريدة النهار

مقالات أخرى للكاتب

العدد 53

الخميس 02 أيلول 2021

اميركا تنهزم امام مهزومين حضارياً ولا مستقبل لهم – جهاد الزين

جريدة النهار


رغم المظاهر… كم هي قوية و”مؤسستها العميقة” واثقة من نفسها هذه الدولة المسماة الولايات المتحدة الأميركية لكي تتمكّن من الانهزام مراتٍ في غضون أقل من خمسين عاماً وأمام قوى متخلفة من العالم الثالث!

العدد 52

الثلاثاء 03 آب 2021

الفدرالية في لبنان مشكلة وليست حلا – د. عصام سليمان

جريدة النهار


في كل مرة يتهدد فيها العيش المشترك في لبنان بسبب هيمنة فريق على مقدرات الدولة وفرض استراتيجية عليها تتخطى لبنان وتهدد وجوده، يتم اللجوء الى طرح الفيديرالية كصيغة تضمن لكل طائفة من الطوائف الكبرى ادارة شؤونها وفق تطلعاتها وثقافتها ما يحول دون فرض ارادة الغير وتقاليده وثقافته عليها. هذا ما حدث اثناء الحرب التي عصفت بلبنان في العام 1975 عندما هيمنت منظمة التحرير الفلسطينية على اجزاء كبيرة من لبنان، وهذا ما يتكرر اليوم مع تعاظم نفوذ "حزب الله" وعزلة لبنان، وسوء ممارسة السلطة بسبب عدم التقيد بأحكام ا

العدد 50

الثلاثاء 01 حزيران 2021

مرصد الازمة في الجامعة الاميركية عن لبنان: 5 معضلات شائكة ستعمّق الانهيارات سنة 2021 وما بعده

جريدة النهار


يعيش لبنان منذ أكثر من سنة تداعيات انهيار النظام السياسي-الاقتصادي الذي رُسِّي منذ نهاية الحرب، وتكشّف بداية بإفلاس القطاع المالي وانهيار سعر الصرف، وما تبعهما من انهيارات مُتتالية تُهدد المجتمع ببقائه، إذ يجمع كثيرون أنها شبيهة بالأوضاع التي سبقت اندلاع الحرب في العام 1975، لا بل أصعب وأشدّ خطورة منها.


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك