في يوم الحداد الوطني .... كل ايام اللبنانيين في حداد
مع الاحداث
سعيد الغز
في الذكرى السنوية الاولى لجريمة العصر ، تفجير مرفأ بيروت وتدمير نصف العاصمة ، ووقوع مئات الضحايا ، وآلاف الجرحى ومئات الوف المشردين بلا منازل تأويهم ، دعت السلطة الحاكمة اللبنانيين لاعتبار هذا اليوم يوم حداد وطني . جميلة جداً هذه الصحوة من الحكام بعد سبات دام عاماً كاملاً دون ان يفعلوا شيئاً مما هو مطلوب منهم. الاسئلة كثيرة حول من هم المسؤولون عن هذه الجريمة المروعة ، ولا اجوبة سوى اعلان احدهم : "ان الحقيقة حول هذه الجريمة بعيدة جدا، ولن يتوصل التحقيق الى اية نتائج "، وقول آخر : "انها حادثة قضاء وقدر" ، وقول ثالث: "انا عرفت.. وبلغت.. وهذه حدود صلاحياتي ومسؤولياتي." وهذا يستدعي منا القول: رحمة الله على الضحايا ، وشفقة العالم على ذوي القتلى والجرحى ، وعلى المشردين والمتضررين.
مضحك مبك ما نشهده اليوم : تقاذف المسؤوليات ، مزايدات شعبوية ، محاولات اطراف السلطة: ارتداء ثوب العفة والبراءة ، ورمي المسؤولية على الاخرين المجهولين المعروفين. الجميع يدّعون البراءة وعدم المسؤولية عما نكبت به بيروت في 04 آب 2020. ولذا يستمر السؤال : اين الحقيقة ؟ متى سيعلن عنها؟ متى سيساق المسؤولون عن هذه الجريمة على القضاء لنيل جزائهم على ما اقترفت ايديهم الوسخة بحق لبنان واللبنانيين ؟
اللبنانيون يشعرون بالخيبة من تصرفات المسؤولين وتهربهم من تحمل المسؤولية ، ويظهرون الغضب الشديد من محاولات السياسيين تعطيل المسار القضائي ، ويعتقدون ان في خلفية هذه المحاولات سعي حثيث لمنع القضاء من كشف الحقائق كاملة ومعرفة من صاحب المواد المتفجرة؟ من ادخلها الى لبنان ؟ من خزّنها في المرفأ؟ من حماها؟ من تصرّف بالقسم الاكبر منها والى اين نقلها؟
اللبنانيون جميعاً يسألون وينتظرون، والمسؤولون يدعونهم الى الصبر والسلوان ، والاهتمام بشؤونهم اليومية والحياتية ؟
وعلى هذا ، في يوم الحداد الوطني ، نقول لأرباب السلطة : انتم مسؤولون ، ومسؤوليتكم كمسؤولين عن ادارة شؤون البلد والناس ان تقدموا اجوبة مقنعة للبنانيين عن مساعيكم لمواجهة الانهيارات التي اوصلتم لبنان واللبنانيين اليها. وبانتظار توصلكم لهذه الاجوبة ، نطلب منكم القيام بما انتم قادرون عليه اليوم: اعلان كل ايام اللبنانيين ايام حداد، بل اشهر حداد:
- حداد على انقطاع الكهرباء وعودة العتمة في عز حر الصيف
- حداد على انقطاع البنزين والمازوت ، وتعطل الطاقة والمواصلات والنقل والانتاج الزراعي والصناعي والخدماتي والسياحي ومعها قطع شرايين الحباة على المواطنين
- حداد على فقدان الدواء والمستلزمات الطبية وانهيار المقدرة على الاستشفاء ومعاناة المستشفيات من هجرة الاطقم الطبية والتمريضية في موجوات الكورونا المتواصلة
- حداد على انهيار العملة الوطنية لصالح المضاربين واللعب بأعصاب الناس
- حداد على خسارة الناس لمدخراتهم ونهبها من ارباب السلطة والمصارف
- حداد على انهيار فرص العمل وتزايد البطالة ، ومصاعب العيش على اكثرية اللبنانيين
- حداد على افراغ لبنان من الطاقات الشابة والخبرات العلمية والفنية والتقنية
- حداد على فقدان حس المسؤولية عند ارباب السلطة وترك البلد والناس يواجهون المعاناة، ويفقدون الامل بالخلاص، ويتحسرون على وطن مهدد بخسارة الكيان وربما الوجود.
والسلسلة تطول، وكلها تبعث على القرف والثورة على من اوصل البلد الى هذا الدرك من الانهيار.
الى هؤلاء المسؤولين غير المسؤولين نقول: "اعلنوا ان لبنان في حداد دائم ،بانتظار ان تتبدل الاحوال وتسقط الفيتوات والمداخلات والمحاصصات القاتلة للوطن والمواطن ، وتتوفر امكانيات المحاسبة وسوق الفاسدين والمفسدين والمخربين الى العدالة التي نريدها شاملة ، لا تستثني احداً من المسؤولين المرتكبين بحق لبنان واللبنانيين ، وعندئذ تبرز شمس الحق والحقيقة ، وينتهي الحداد بعد الحساب وتحقيق العدالة ."