نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 46

الإثنين 01 شباط 2021

تسألون بعد: لماذا ثار الناس، ولماذا سينزلون من جديد الى الارض

من الصحافة اخترنا لكم

الهام فريحة

 رسمَ وليد جنبلاط بشكلٍ مقلقٍ وحزينٍ وأسودَ صورةَ لبنانَ الحاضرِ كما المستقبلِ.

في إطلالتهِ الأخيرةِ التلفزيونيةِ مع مرسال غانم سأل جنبلاط عمّا تبقَّى من دورٍ لبنانيٍ ومن قرارٍ لبنانيٍ وسطَ هذا التزاحمِ في "الأجانداتِ" الخارجيةِ على لبنانَ.. وهذا هو جوهرُ الأزمةِ.

من الحدودِ إلى الأمنِ إلى السيادةِ إلى الأدوارِ الخارجيةِ كيف يمكنُ تثبيتُ استقرارٍ لبنانيٍ ومعه عودةٌ لحياةٍ آمنةٍ اجتماعياً ومالياً واقتصادياً إذا كان لبنانُ ينامُ على بركانِ التناقضاتِ الخارجيةِ وإذا استمرَ مسرحاً للتجاذباتِ التي دمّرت لبنانَ منذ سنواتٍ ولا تزالُ..

متى يشعرُ الشعبُ انه هو حقيقةً مصدرُ السلطةِ وانه يملكُ السيادةَ في كلِ القراراتِ والاحكامِ والتوجّهاتِ التي تقررُ مصيرهُ لسنواتٍ ولأجيالٍ..

لغايةِ اليوم، وهذا ما جعلَ الشعبَ ينزلُ إلى الساحاتِ، لم يشعر المواطنُ أنه شريكٌ في أي قرارٍ وأنه سيِّدٌ على أرضهِ، فكل ما يجري هو إملاءاتٌ تفرضُ عليهِ وهو لا حولَ له ولا قوةَ سوى الإذعانِ..

لم يتعلمْ من يقودونَ البلادَ شيئاً مما جرى ويجري منذ سنةٍ ولغايةِ اليوم .. وهم لا يزالونَ يستمرونَ بالضّربِ عرضَ الحائطِ بكل مقاييسِ ومعاييرِ الأخلاقِ التي يجبُ أن تحكمَ السياسةَ قبل أي شيءٍ آخر.

هل تدركُ الطبقةُ السياسيةُ ماذا يعني ان يعيشَ بلدٌ منهارٌ بالكاملِ وسطَ حكومةِ تصريفِ أعمالٍ هي أساساً حكومةٌ فاقدةٌ للثقةِ وغيرُ شرعيةٍ وعاجزةٌ وغيرُ قادرةٍ؟

هل تدركُ الطبقةُ السياسية ماذا يعني أن يعيشَ بلدٌ منهارٌ بالكاملِ كباشاً سياسياً لا نهايةَ له بين رئيسِ جمهوريةٍ وبين رئيسٍ مكلّفٍ بتشكيلِ الحكومةِ "أخذَ وقتهُ وكتر" في إجازتهِ لمناسبةِ الأعيادِ وحتماً بالاستفادةِ من أخذِ اللقاحِ المناسبِ للكورونا، فإذا به يعودُ صامتاً تعبيراً عن عجزٍ في إمكانيةِ خرقِ الجدارِ المسدودِ؟

هل يدركُ مَن يقودونَ البلدَ أن آخر همِّ الناسِ في يدِ من الثلثُ المعطلُ وهذا الوزيرُ مِن حصةِ مَن وذاكَ مِن نصيبِ مَن، يريدُ الناس أن يعيشوا وأن يناضلوا للحياةِ، حياةٌ تسلبها منهم كورونا كلُ لحظةٍ وتأخذُ أحبّاءَ لهم فيما بلدهم سيأتيه اللقاحُ بعد أشهرٍ وبيكون "اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب".. وبصريحِ العبارةِ "اللي مات مات واللي انصاب انصاب" ولا أحدَ يسأل..

***

عندما حذّرنا قبلَ أشهرٍ من انهيارِ النظامِ الصحي نتيجةَ كورونا لم يستمع إلينا أحدٌ.. وها نحنُ اليومَ نقعُ في المحظورِ لا بل في الكارثةِ.. والأسوأُ أن المستشفياتِ والدولةَ يتناتشانِ المسؤوليةَ فيما يعلنُ وزيرُ الصحةِ بكلِ صراحةٍ أنه بعد سنةٍ من كورونا اتخذ القرارَ بالاستفادةِ من قرضِ البنكِ الدولي لتعزيزِ إمكانياتِ المستشفياتِ الخاصةِ...

لماذا الانتظارُ لليومِ طالما أن أموالَ القرضِ كانت موجودةً.

ولماذا انتظرنا حتى الأمسِ لنطلبَ تجهيزاتٍ جديدةٍ ستتمُ إعارتها للمستشفياتِ الخاصةِ؟ ألم تكن لدينا الرؤيةُ لمعرفةِ انتشارِ كوفيد 19؟

واستطراداً ماذا عن اللقاح؟ ولماذا حصرهُ بجهةٍ واحدةٍ ولماذا لم نستدرجْ عروضاً من دولٍ أخرى ومصانعَ أخرى.

ومن يضمنُ عدمَ وجودِ واسطاتٍ غداً في إعطاءِ اللقاحاتِ وتوزيعها؟

أطباءٌ يهاجرون.. أطباءٌ وممرضون وممرضات مصابون، مستشفياتٌ مدمرةٌ بعد 4 آب .. دولةٌ لا تدفعُ مستحقاتها للمستشفياتِ . والمستشفياتُ لا إمكانيةَ لها لشراءِ مستلزماتٍ وتجهيزاتٍ وأدويةٍ من الخارجِ نتيجةَ شحِّ الدولارِ وارتفاعِ الأسعارِ والمزاجيةِ التي تحكمُ دعمَ الدولارِ الصحي..

فكيف سيستمرُ قطاعٌ صحيٌ وكيف لا ينهارُ؟

***

ناهيكَ عن الخفّةِ في التعاطي مع المستشفياتِ الميدانيةِ التي جاءتنا هباتٍ من الدولِ الصديقةِ فإذا بها تتبخرُ ولا وجودَ لها.

عن أي دولةٍ نتحدثُ وفي أي غابةٍ نعيشُ؟

وتسألونَ.. لماذا انتفضَ شعبُ لبنانَ الحضاري في 17 تشرين ، ولماذا سيعودُ قريباً ليطيحَ بمن استطاعَ ؟


الكاتب

الهام فريحة


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك