نشرة فصلية إعلامية تصدر عن رابطة أصدقاء كمال جنبلاط
"بعضهم يستجدي الألم و يمتّع نفسه بالشقاء لكي يصل...
و لكن طريق الفرح هي أكمل و أجدى... كل شيء هو فرح... هو فرح

العدد 43

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020

من الصحافة اخترنا لكم: هل يعلم المسؤولون؟ ليتهم يعلمون

نايلة تويني

معيب هذا المشهد. مسؤولون يتصارعون على لا شيء. نعم لم يبقَ شيء من الوطن يتقاسمونه. للأسف، هم يعيشون في عوالم بعيدة من الواقع. كأنهم لم يشاهدوا بيروت المحترقة، المدمرة، الحزينة، البائسة. يتنافسون في المواقف المثيرة، ولا يتبرعون بليرة واحدة للإعمار. يتهافتون لتشكيل وفود، واصدار بيانات عن “انجازاتهم” التي لا تجدها على الارض. مضى اكثر من شهرين على انفجار المرفأ، واستقالة الحكومة، ولا تزال الامور تراوح مكانها. لمن تكون الإمرة في حكومة لا تحكم؟ ولمن تلك الحقيبة الوزارية “الفارغة”؟ ومن يمسك ببيت المال الفارغ من المال؟ ومن يسمي اولئك الوزراء الذين لا عمل لهم في بلد يكاد ينهار، فلا تنفع معه حكومة ولا مجلس نيابي ولا رئاسة الجمهورية؟ ولمن تكون الغلبة في بلد خاسر؟ ومن يحوز الثلث المعطل في البلد المعطل؟ يسمونه “الثلث الضامن” في بلد ليس فيه شيء مضمون.

مؤسف الواقع الذي بلغناه مع هذه الطبقة السياسية التي تذهب اليوم الى مفاوضات ترسيم الحدود مع اسرائيل منقسمة بعضها على البعض بما يتيح للعدو تعميق الحدود الفاصلة بين مكوناتها وتحقيق مشيئته. سلطة لا تفاوض “شقيقتها” في دمشق على التصدي للتهريب، بل على ضبط الحدود بين البلدين.

سياسة تعادي المحيط العربي الحاضن الطبيعي لبلد الارز، وتورط لبنان في صراعات محاور لا شأن له مباشرا بها. طبقة يوجّه اليها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون كل انواع التأنيب، بل الاهانة، ولا تحرك ساكنا. سلطات واحزاب تتنصل من التزاماتها قبل صياح الديك، لان مصالحها الضيقة، بل الوضيعة، لم تتحقق.

فهل يعلم المسؤولون ماذا حل بالبلاد والعباد؟

هل يعلمون ان الرئاسة باتت هشة، والحكومة ساقطة، والمجلس النيابي فقد صدقيته؟

هل يعلمون ان اللبنانيين يجوعون بعدما صار الحد الادنى للرواتب يساوي 70 دولارا اميركيا، اي اقل من راتب اي اجير مستورد للمساعدة المنزلية؟

هل يعلم المسؤولون ان الرواتب ذابت كالملح، وان الذين يتقاضون نصف راتب زاد عددهم على الذين يتقاضون راتبا كاملا؟

هل يعلم المسؤولون ان كثيرين صُرفوا من اعمالهم فرفعوا نسبة البطالة من 37 في المئة قبل اعوام الى اكثر من 50 في المئة، والحبل على الجرار؟

هل يعلمون ان اللبنانيين ينقصهم الوقود من بنزين لسياراتهم، ومازوت لمولدات الكهرباء، وللتدفئة في الجبال حيث بات الناس يشترونه من سوق سوداء؟

هل يعلم المسؤولون ان اسواق بيروت شبه مقفلة وان المجمعات التجارية في العاصمة، نعم في العاصمة وليس في مدن اصغر منها، باتت مهددة بالإقفال؟

هل يعلم المسؤولون ان شركات كثيرة ومؤسسات تجارية وماركات عالمية هجرت لبنان الى غير رجعة؟

هل يعلم المسؤولون ان المستشفيات تؤجل العمليات الجراحية لنقص في المعدات، وان اللبناني بات يستجدي الدواء وحليب الاطفال؟

هل يعلم المسؤولون ان الجامعات والمدارس متعثرة ليس فقط بسبب جائحة كورونا، بل ايضا بسبب الوضع المالي في البلاد؟

هل يعلمون ان التعليم من بُعد غير مجدٍ في بلد لم يحضّر نفسه، وينقطع فيه التيار الكهربائي مراراً، وسرعة الانترنت في المنازل كالسلحفاة رغم كل الدعاية؟

هل يعلم المسؤولون ان سعر الكتاب المدرسي تجاوز المئة الف ليرة وبلغ بعضه 750 ألفاً، وان اسعار الدفاتر تجاوزت الخمسين الف ليرة؟

هل يعلم المسؤولون ان المزارعين غير قادرين على استيراد المواد الضرورية والاسمدة، وغير قادرين ايضا على تصدير انتاجهم؟

هل يعلم المسؤولون ان الصناعة اللبنانية تلفظ انفاسها بعدما ارتفعت اسعار المواد الاولية بشكل جنوني ما يعطل الانتاج؟

هل يعلم المسؤولون ان اللبناني يئس من ادائهم، وقرف من تصرفاتهم، وبات لا يصدقهم، ويصطف اللبنانيون على ابواب السفارات طمعا في تأشيرة هجرة الى اي بلد في العالم يوفر عيشهم، ويحفظ كرامتهم؟

مَن يراقب الاداء السيىء والسياسات المبنية على اعتبارات شخصية ونكايات وحسابات مذهبية وطائفية ومناطقية ضيقة، يدرك جيدا ان هؤلاء لم يرتقوا الى مستوى الوطن، وان سياساتهم لن تقود الى حكومة انقاذ واصلاح، وانهم لا يعلمون حقيقة ما يجري. ليتهم يعلمون … ويفهمون!


الكاتب

نايلة تويني


شريط أخبار تويتر

شريط أخبار الفايسبوك